قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
ما التفتُّ يومَ أُحد يمينًا ولا شمالا إلا وأراها تقاتل دوني"، يقول النبي صلى الله عليه وسلم عنها: "لمَقَاَم نسيبة بنت كعب اليومَ خيرٌ من مقامِ فلان وفلان.
وقد قالت للرسول -صلى الله عليه وسلم- ادْعُ الله أن نرافقك بالجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" اللهمَّ اجعلهم رفقائي في الجنة"
نسب أم عمارة :
نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن ابن النجار، وهي
أنصارية من بني مازن، وكنيتها أم عمارة ، وأمها الرباب بنت عبد الله بن حبيب بن زيد.
وهي أخت عبد اللّه بن كعب الذي شهد بدرًا، وأخت أبى ليلى عبد الرحمن بن كعب.
إسلامها :
أسلم جماعة من الأوس و الخزرج على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في موسم الحج ، وعادوا إلى قومهم فانتشرالإسلام بينهم، وكانوا يلتقون برسول الله في كل موسم عند العقبة بمكة يوصيهم و يبايعهم، حتى كان العام الثالث لهم فتواعدوا عند العقبة ( كانوا ثلاثة و سبعون رجلا و امرأتان )، فبايعوا النبي عليه السلام و كانت المرأتان اللتان شرفهما الله بهذه البيعة هما : أم عمارة و أم منيع أسماء بنت عمرو، وشهدت أحداً والحديبية وخيبر وحنيناً وعمرة القضاة ويوم اليمامة، وبيعة الرضوان.
زواجهـــا:
كانت متزوجة من وهب الأسلمي، فولدت له حبيب، ومات وهب.
فتزوجها بعد ذلك زيد بن عاصم المازني فولدت له عبد الله، وهو الذي قتل مسيلمة الكذاب، وفي رواية تزوجها غزية بن عمرو المازني بعد ممات زيد فولدت له تميمًا وخولة.
شخصيتها :
كانت طموحة عالية الهمة، و تريد ان تثبت للمرأة المسلمة مكانها بجوار الرجل المسلم، فهي لم يكن إسلامها تقليدا لأسرة، و لا تبعية لزوج، و لكنه كان إسلام العقل و القلب والإرادة، فوهبت نفسها لهذا الدين الذي أمنت به، تعمل به و تعمل له، و تجاهد في سبيله .
و كأنها لم يرض طموحها أن يتحدث القرأن إلى الرجال و تأتي المرأة تبعا ، فأتت رسول الله تقول له : يا رسول الله ما أرى كل شىء إلا للرجال، و ما أرى النساء يذكرن في شىء، فاستجاب الله لها، و نزل أمين السماء إلى أمين الأرض بقرأن يتلى و يسجل فيه موقف المرأة إلى جانب الرجل صراحة لا ضمنيا ، و قصدا لا تبعا .
قال تعالى : (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيماً) .
خرجت نسيبة يوم أحد ومعها سقاء وفيه ماء ، فانتهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه، والدولة والربح للمسلمين ، فلمّا انهزم المسلمون انحازت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فكانت تباشر القتال وتذود عنهم بالسيف ، وترمي عن القوس حتى جُرِحَت جُرحاً أجوفاً له غَوْر، أصابها به ابن قُميئة وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لمقامُ نسيبة بنت كعب اليومَ خيرٌ من مقام فلانٍ وفلان ) وكان يراها تقاتل أشدَّ القتال ، وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها حتى جُرِحَت ، وقد قالت للرسول صلى الله عليه وسلم ادْعُ الله أن نرافقك بالجنة فقال(اللهمَّ اجعلهم رفقائي في الجنة) فقالت ما أبالي ما أصابني من الدنيا.
وقد جُرِحَ يوم أحد ابنها عبد الله في عَضُده اليسرى، ضربه رجل ورحل عنه، وجعل الدم لا يرقأ ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم اعْصِبْ جُرْحَك) فأقبلت أمه نسيبة ومعها عصائب قد أعدّتها للجراح ، فربطت جُرْحَه ، والنبي صلى الله عليه وسلم واقف ينظر إليه، ثم قالت انهضْ بنيّ فضارِب القومَ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول(ومَنْ يُطيقُ ما تُطيقينَ يا أمَّ عمارة) وأقبلَ الرجلُ الذي ضرب ابنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا ضارب ابنك) فاعترضته وضربت ساقه فبرَكَ، فابتسم الرسول صلى الله عليه وسلم وقال (الحمدُ لله الذي ظفّركِ وأقرّ عينك من عدوّك، وأراك ثأرَكِ بعينِك)
ولمّا انكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيت السيدة نسيبة وزوجها وابناها بين يديه يذُبّوا عنه ، والناس يمرون به منهزمين، ورآها الرسـول الكريـم ولا ترسَ معها فرأى رجـلاً مُوليّاً معه ترس، فقال له ألقِ تُرْسَـكَ إلى مَنْ يُقاتِل فألقى تُرْسَـه، فأخذته نسيبة وتروي ذلك قائلة "فجعلت أتترَس به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنّما فعلَ بنا الأفاعيلَ أصحابُ الخيل، لو كانوا رجّالةً مثلنا أصبناهم إنْ شاء الله، فيُقبل رجلٌ على فرسٍ فضربني، وتترّسْتُ له فلم يصنع سيفه شيئاً، وولّى، وأضرب عُرْقوب فرسِهِ، فوقع على ظهره" فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح (يا ابن أم عمارة أمَّكَ أمَّكَ) فعاونني عليه.
ثم نادى منادي الرسول صلى الله عليه وسلم إلى حمراء الأسد لملاحقة قريش، فشدّت عليها ثيابها، فما استطاعت من نزف الدم، ولمّا رجع رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم أرسل إليها عبد اللـه بن كعب المازنيّ يسأل عنها، فرجع إليه يخبره بسلامتها، فسُرَّ الرسـول صلى اللـه عليه وسلم بذلك.
أقسمت أم البطل نسيبة بنت كعب على الأخذ بالثأر لابنها حبيب من مسيلمة الكذاب فشهدت اليمامة مع ابنها عبدالله تحت إمرة خالد بن الوليد وقُتِلَ مسيلمة وقُطِعَت يدها في الحرب، وجُرِحَت اثني عشر جُرْحاً وقد كان أبو بكر الصديق الخليفة آنذاك يأتيها يسأل عنها.
وفــاتها رضي الله عنها
توفيت أم عمارة في خلافة عمر رضي الله عنهما عام 13 هـ، أي ما يقارب 634م.