التصنيفات
الارشيف الدراسي

تقرير / بحث / عن الدولة العثمانية -التعليم الاماراتي

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

منذ ظهور الدولة العثمانية فى مطلع القرن الثامن الهجرى لم يتورع المؤرخون الأوروبيون واليهود والعلمانيون الحاقدون بالهجوم على تاريخ هذه الدولة العظيمة…
وأمعانا فى بغيهم ومكرهم أستخدموا أساليب الطعن والتشويه والتشكيك فيما قام به العثمانيون من خدمة جليلة عظيمة للعقيدة والاسلام..
وياليت الأمر قد توقف عند هذا الحد ولكن المصيبة الجلل أنه قد سار على هذا النهج الباطل أغلب المؤرخين العرب بشتى انتماءاتهم واتجاهاتهم، القومية ، والعلمانية، وكذلك المؤرخون الأتراك الذين تأثروا بالتوجه العلماني الذي تزعمه المقبور مصطفى كمال، فكان من الطبيعي أن يقوموا بإدانة فترة الخلافة العثمانية، فوجدوا فيما كتبه النصارى واليهود ثروة ضخمة لدعم تحولهم القومي العلماني في تركيا بعد الحرب العالمية الأولى…

مصطفى كمال أتاتورك

وما دعا المؤرخ الأوربي لهذا الأتجاه هو تأثره بالفتوحات العظيمة التي حققها العثمانيون، وخصوصاً بعد أن سقطت عاصمة الدولة البيزنطية (القسطنطينية) وحولها العثمانيون الى مدينة اسلامية واطلقوا عليها اسلام بول (أي دار الاسلام) ، فتأثرت نفوس الأوربيين بنزعة الحقد والحقد والمرارة المورثة ضد الاسلام فأنعكست تلك الأحقاد في كلامهم وافعالهم ، وكتابتهم وحاول العثمانيون مواصلة السير لضم روما الى الدولة الاسلامية ومواصلة الجهاد حتى يخترقوا وسط اوروبا ويصلوا الى الاندلس لإنقاذ المسلمين فيها، وعاشت أوروبا في خوف وفزع وهلع ولم تهدأ قلوبهم إلا بوفاة نادرة الزمان السلطان العظيم التقى الورع محمد الفاتح رحمه الله رحمة واسعة …

السلطان العظيم محمد الفاتح

وكان وقتها زعماء الدين المسيحي من قساوسة ورهبان وملوك يغذون الشارع الأوروبي بالأحقاد والضغائن ضد الاسلام والمسلمين ، وعمل رجال الدين المسيحي على حشد الأموال والمتطوعين لمهاجمة المسلمين (الكفرة على حد زعمهم) البرابرة، وكلما انتصر العثمانيون على هذه الحشود ازدادت موجة الكره والحقد على الاسلام وأهله، فأتهم زعماء المسيحيين العثمانيين بالقرصنة، والوحشية والهمجية، وعلقت تلك التهم في ذاكرة الأوروبيين…

مع أن أوروبا قدتحولت الى النهج العلمانى فى عصر النهضة الحديثة إلا أنه لم يستطع وجدان المجتمع الاوروبي أن يتخلص من تلك الرواسب الموروثة عندهم تجاه العالم الاسلامي بشكل عام وتجاه الدولة العثمانية بشكل خاص…
هذا الموروث الدفين دفع قواتهم العسكرية المدعومة بحضارته المادية للإنتقام من الاسلام والمسلمين، ونزع خيراتهم بدوافع دينية واقتصادية وسياسية وثقافية ، وساندهم كتابهم ومؤرخوهم، للطعن والتشويه والتشكيك في الاسلام وعقيدته وتاريخه، فكان نصيب الدولة العثمانية من هذه الهجمة الشرسة كبير جدا …

وشارك اليهود الأوروبيون بأقلامهم المسمومة، وأفكارهم المحمومة في هذه الهجمات المتواصلة ضد الدولة العثمانية خصوصاً والاسلام عموماً، وازداد عداء اليهود للدولة العثمانية بعد أن فشلت كافة مخططاتهم في اغتصاب أي شبر من أراضي هذه الدولة لإقامة كيان سياسي لهم طوال أربعة قرون هي عمر الدولة العثمانية السنية…
واستطاع اليهود بمعاونة الصليبية والدول الاستعمارية الغربية ومن خلال محافلهم الماسونية أن يحققوا أهدافهم على حساب الأنظمة القومية التي قامت في العالم الغربي والاسلامي والتي وصفت نفسها بالتقدمية والتحضر واتهمت الخلافة العثمانية على طول تاريخها بالتخلف والرجعية والجمود والانحطاط وغير ذلك واعتبرت المحافل الماسونية ، والمنظمات الخفية التابعة لليهود والقوى العالمية المعادية للاسلام والمسلمين أن مسألة تشويه الفترة التاريخية للدولة العلية العثمانية من أهم أهدافها…

من قادة الماسونية

( 1 ) جذور الأتراك وأصولهم :-
————————————————————-
في منطقة ماوراء النهر والتي تسمى اليوم تركستان والتي تمتد من هضبة منغوليا وشمال الصين شرقاً الى بحر قزوين غرباً، ومن السهول السيبرية شمالاً الى شبه القارة الهندية وايران جنوباً، استوطنت عشائر الغز وقبائلها الكبرى تلك المناطق وعرفوا بالترك أو الأتراك.

ثم تحركت هذه القبائل في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي، في الانتقال من موطنها الأصلي نحو آسيا الصغرى في هجرات ضخمة. وكان لهذه الهجرة عدة أسباب منها :
( أ ) اقتصادية :- فالجدب الشديد وكثرة النسل، جعلت هذه القبائل تضيق ذرعاً بمواطنها الأصلية، فهاجرت بحثاً عن الكلاء والمراعي والعيش الرغيد ..
( ب ) سياسية :- حيث تعرضت تلك القبائل لضغوط كبيرة من قبائل اخرى أكثر منها عدداً وعدة وقوة وهي القبائل المغولية الرهيبة ، فأجبرتها على الرحيل، لتبحث عن موطن آخر وتترك أراضيها بحثاً عن نعمة الأمن والاستقرار …
وبالتالى اضطرت تلك القبائل المهاجرة الا أن تتجه غرباً، ونزلت بالقرب من شواطئ نهر جيحون ، ثم استقرت بعض الوقت في طبرستان، وجرجان، فأصبحوا بالقرب من الأراضي الاسلامية والتي فتحها المسلمون بعد معركة نهاوند وسقوط الدولة الساسانية في بلاد فارس سنة 21ه الموافق 641 م..

كان طبيعيا أن يؤدى موقعه الجغرافى الجديد الى اتصالهم بالمسلمين ففي عام 22ه الموافق 642 م تحركت الجيوش الاسلامية الى مايعرف بأسم بلاد الباب لفتحها وكانت تلك الأراضي يسكنها الاتراك، وهناك ألتقى قائد الجيش الاسلامي عبدالرحمن بن ربيعة رضى الله عنه بملك الترك شهربراز …
طلب هذا الملك من عبدالرحمن الصلح وأظهر استعداده للمشاركة في الجيش الاسلامي لمحاربة الأرمن ، فأرسله عبدالرحمن الى القائد العام سراقة بن عمرو رضى الله عنه ، وقد قام شهر براز بمقابلة سراقة فقبل منه ذلك، وكتب للخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه يعلمه بالأمر، فوافق على مافعل، وعلى إثر ذلك عقد الصلح، ولم يقع بين الترك والمسلمين أي قتال، بل سار الجميع الى بلاد الأرمن لفتحها ونشر الاسلام فيها…

وتقدمت الجيوش الاسلامية لفتح البلدان في شمال شرق بلاد فارس حتى تنتشر دعوة الله فيها، بعد سقوط دولة الفرس أمام الجيوش الاسلامية والتي كانت تقف حاجزاً منيعاً أمام الجيوش الاسلامية في تلك البلدان، وبزوال تلك العوائق، ونتيجة للفتوحات الاسلامية ، أصبح الباب مفتوحاً أمام تحركات شعوب تلك البلدان والاقاليم ومنهم الاتراك فتم الاتصال بالشعوب الاسلامية، واعتنق الاتراك الاسلام، وانضموا الى صفوف المجاهدين لنشر الاسلام وإعلاء كلمة الله ..
وفي عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضى الله عنه تم فتح بلاد طبرستان ، ثم عبر المسلمون نهر جيحون سنة 31ه، ونزلوا بلاد ماوراء النهر، فدخل كثير من الترك في دين الاسلام، وأصبحوا من المدافعين عنه والمشتركين في الجهاد لنشر دعوة التوحيد …

ثم ظهرت الدولة الأموية فالعباسية وازداد عدد الأتراك في بلاط الخلفاء والأمراء العباسيين وشرعوا في تولي المناصب القيادية والادارية في الدولة؛ فكان منهم الجند والقادة والكتاب , وقد ألتزموا بالهدوء والطاعة حتى نالوا أعلى المراتب…
ولما تولى الخليفة المعتصم الخلافة فتح الأبواب أمام النفوذ التركي وأسند إليهم مناصب الدولة القيادية وأصبحوا بذلك يشاركون في تصريف شؤون الدولة، وكانت سياسة المعتصم تهدف الى تقليص النفوذ الفارسي ، الذي كان له اليد المطلقة في إدارة الدولة العباسية منذ عهد الخليفة المأمون…

وقد تسبب اهتمام المعتصم بالعنصر التركي الى حالة سخط شديدة بين الناس والجند، فخشي المعتصم من نقمة الناس عليه، فأسس مدينة جديدة هي (سامراء) وسكنها هو وجنده وأنصاره…
وهكذا بدأ الأتراك منذ ذلك التاريخ في الظهور في أدوار هامة على مسرح التاريخ الاسلامي حتى أسسوا لهم دولة إسلامية كبيرة كانت على صلة قوية بخلفاء الدولة العباسية عرفت بالدولة السلجوقية …

م/ن

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الارشيف الدراسي

تقرير / بحث / عن الاستعمار

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

الاستِعْمارُ إخضاع جماعة من الناس لحكم أجنبيّ،ويُسمَّى سكان البلاد المستَعْمَرين، وتُسمَّى الأراضي الواقعة تحت الاحتلال البلاد المُستعمَرة. ومعظم المستعمَرات مفصولةٌ عن الدولة المستعمِرة (بكسر الميم الثانية) ببحارٍ ومحيطات. وغالبًا ما ترسل الدولة الأجنبية سكانًا للعيش في المستعمرات وحكمها واستغلالها مصادر للثروة. وهذا ما يجعل حكّام المستعمرات منفصلين عِرقيًا عن المحكومين.
وللاستعمار تاريخٌ طويلٌ يعود إلى العصور القديمة. فالرومان، مثلاً، حكموا عددًا من المستعمرات في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا. وبدءًا من القرن الخامس عشر الميلادي، بدأت الدول الأوروبية في بناء إمبراطوريات استعماريةٍ ضخمة في كلٍّ من إفريقيا وآسيا وأمريكا الشمالية، وكذلك في أمريكا الجنوبية. ومن أهم القوى الاستعمارية الأوروبية، فرنسا، بريطانيا، هولندا، البرتغال، أسبانيا. وبحلول سبعينيات القرن العشرين، تَفكَّكت معظم هذه الإمبراطوريات.
وتُعزى أهمية المستعمَرات للعوائد الاقتصادية التي تُدِرُّها. فالدول تحصل على سلع ٍ نادرةٍ مثل الماس والتوابل من هذه المستعمرات. كما تسعى الدول إلى توسيع صناعاتها وتجارتها مع المُستعمرات لأنَّ هذه المُستعمرات قد تكون: 1- مصدرًا للمواد الخام 2- سوقًا للسلع 3- مصدراً لسلع قابلة للتصدير لبلدان أخرى 4- مناطق استثمارية. وبالإضافة إلى ذلك، فإنَّ الدول تستخدم المستعمرات أيضًا لزيادة مكانتها وسمعتها بين الأمم، كما تستفيد من مواقعها الحيوية لأغراضٍ عسكرية، أو تستفيد منها لنشر دينها ومذهبها.
ويعتقد بعض الناس أن الاستعمار لم يَمُت، فهم يُعرِّفون الاستعمار بأنه أيُّ شكلٍ من أشكال الظلم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي من قبل جماعة من الناس لجماعة أخرى، وذلك على أساسٍ عرقي. ويستخدم آخرون مصطلح الاستعمار الجديد لتعريف السيطرة غير المباشرة للدول الغنية على الدول النامية. وبحسب تفسير هذه المدرسة، فإن الدول النامية تعتمد على الدول الغنية في مجال استثمار رأس المال، مع أن هذا الاعتماد يدفع الدول الغنية إلى الاستفادة من الدول النامية.

تاريخ الاستعمار

الاستعمار القديم. تُعدّ الإمبراطورية الرومانية أكبر دولة استعماريةٍ في التاريخ القديم، فقد بدأت روما توسُّعَهَا فيما وراء البحار نحو عام 264ق.م. وفي أوج مجدها، كانت الإمبراطورية الرومانية تمتد من شمالي بريطانيا إلى البحر الأحمر والخليج العربيّ. وفي عام 476م، سقطت تلك الإمبراطورية.

بدايات الاستعمار الأوروبي. بدأت البرتغال وأسبانيا في القرن الخامس عشر الميلادي بإرسال مستكشفين للبحث عن طرق بحرية جديدة إلى الهند والشرق الأقصى، حيث كان المسلمون يهيمنون على الطرق البرية ويسيطرون على التجارة بين آسيا وأوروبا. وكان الأوروبيون يطمحون إلى السيطرة على تلك التجارة، فقد نجحت البرتغال في السيطرة على البرازيل، وأنشأت مراكز تجاريةً في كل من غربي إفريقيا والهند وجنوب شرقي آسيا.كما نجحت أسبانيا في السيطرة على أجزاء مما يعرف اليوم بالولايات المتحدة، واحتلت معظم أجزاء أمريكا اللاتينية.
وفي القرن السابع عشر الميلادي، انتزع الهولنديون والبريطانيون التجارة الآسيوية من البرتغاليين، وذلك بعد أن نجحوا في احتلال جزر الهند الشرقية الهولندية (إندونيسيا) وأصبح للإنجليز نفوذٌ قويُّ في الهند. وتمكَّن الهولنديون والبريطانيون والفرنسيون من احتلال بعض المناطق في أمريكا اللاتينية.
وبالإضافة إلى ذلك، احتل عددٌ من المهاجرين البريطانيين والفرنسيين بعض المناطق في كندا. كما أنَّ الهولنديين والبريطانيين والفرنسيين ادَّعوا ملكية بعض أجزاء من الولايات المتحدة. وفي نهاية المطاف، تمكن الإنجليز من إنشاء ثلاث عشرة مستعمرة في تلك البلاد. ودخل البريطانيون والفرنسيون في صراع ٍ على أمريكا الشمالية سُمّي حروب الهنود والفرنسيين الأربع، واستمر ذلك الصراع من عام 1689م حتى 1763م. وفي آخر تلك الحروب، انتصرت بريطانيا ونجحت في احتلال معظم الممتلكات الفرنسية في أمريكا الشمالية.

الاستعمار الحديث. نجحت المستعمرات الثلاث عشرة في الحصول على استقلالها من بريطانيا في الثورة الأمريكية (1775 – 1783م). وحصلت معظم المستعمرات في أمريكا اللاتينية على استقلالها في القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر. ولم يتطوَّر الاستعمار الأوروبي في بداية القرن التاسع عشر مع أنَّ بريطانيا ضَمَّت عددًا من المستعمرات في أستراليا، وقد كانت نيوساوث ويلز أول مستعمرة أسترالية تم تأسيسها في القرن الثامن عشر. وكان معظم المستوطنين الأوائل من السجناء الذين أُبعدوا إلى أستراليا عقابًا لهم. وقد أوقف إرسال السجناء إلى تلك المناطق في منتصف القرن التاسع عشر. وبحلول ذلك التاريخ، أُنشئت مستعمراتٌ جديدة في كوينزلاند وفان ديمنزلاند (تسمانيا حالياً)، وغربي أستراليا وجنوبيها، وفكتوريا. أما نيوزيلندا، فإنها لم تصبح مستعمرة بريطانية إلا عام 1840م. وبحلول عام 1850م، كان هناك الكثيرون ممن يعتقدون أن المستعمرات لا تساوي تكاليف إنشائها وإدارتها. وساعدت الثورة الصناعية وظهور القومية الأوروبية، على تطور الاستعمار في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين في كلٍّ من إفريقيا وآسيا. ففي هاتين القارتين، سعت الدول الصناعية إلى الحصول على المواد الخام لمصانعها، والأسواق لمنتجاتها الصناعية، كما سعت إلى هاتين القارتين بوصفهما مناطق استثمار جديدة، وللبحث عن أقطار جديدة تقويها في منافستها للأقطار الأوروبية الأخرى.
واقتسم إفريقيا كلٌّ من بلجيكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا والبرتغال وأسبانيا. ولم يبق من المناطق الإفريقية مستقلة إلا إثيوبيا وليبيريا. أما بريطانيا، فقد سيطرت بدورها على الهند وبورما وما يُعرف الآن بماليزيا. كما احتلت فرنسا الهند الصينية. وكانت الهند الصينية الفرنسية تضم كلاّ من كمبوتشيا (كمبوديا) ولاوس وفيتنام. وتوسَّع الهولنديون في الهند الصينية الشرقية. أما الولايات المتحدة، فقد احتلت الفلبين. وكان هناك تنافسٌ كبير بين فرنسا وألمانيا وبريطانيا وأسبانيا والولايات المتحدة للسيطرة على جزر المحيط الهادئ. وفي نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، أنشأت اليابان إمبراطوريةً ضمَّت كوريا وتايوان. وخلال الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945م)، وسَّعت اليابان إمبراطوريتها على حساب بعض المستعمرات الصغيرة التي كانت تسيطر عليها دول غربية. إلا أنَّ هذه الإمبراطورية سقطت بعد أن هُزمت اليابان عام 1945م. وتحولت هذه المناطق مرةً أخرى إلى مستعمرات غربية.
والواقع أنَّ هناك ثلاثة عوامل أسهمت في إنهاء عصر الاستعمار في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين؛ أولها أنَّ القوى الأوروبية قد أُضعفت في الحرب وبدأ عددٌ كبيرٌ من الناس يعارضون الاستعمار لأسباب أخلاقية،كما أنَّ الحركات القومية والمطالبة بحقِّ تقرير المصير قد زادت ازديادًا كبيرًا في مستعمرات إفريقيا وآسيا. وقد حصلت بعض هذه المستعمرات على استقلالها بشكل سلميّ، لكنَّ مستعمرات أخرى لم تحصل على استقلالها إلا عن طريق الحرب. وكانت البرتغال من أواخر الدول التي منحت مستعمراتها الاستقلال في منتصف السبعينيّات.

الاستعمار المعاصر. لا تزال كل من فرنسا وبريطانيا والبرتغال وأسبانيا تحتفظ ببعض مستعمراتها إلى اليوم، ولكنها لا تسميها مستعمرات. وعلى سبيل المثال، فإن بريطانيا تُسمي هذه المناطق البلاد التابعة. كما أنَّ الولايات المتحدة تحكم بعض المناطق البعيدة، مثل: ساموا الأمريكية وغوام وعددًا من الجزر في المحيط الهادئ، وكذلك بورتوريكو وفيرجين آيلاندز الأمريكية. كما لا تزال إسرائيل تلك الدول التي أقامتها الصهيونية مدعوية من القوى العالمية تحتل و تستعمر أرض فلسطين العربية منذ عام 1948م.

السياسات الاستعمارية

قام عددٌ من المُستعمرين بفرض أسلوب حياتهم على المستعمرات.، فقد كانوا يؤمنون بتدنّي مستوى ثقافة المناطق المُستعمَرة قياسًا إلى ثقافتهم. وحاول بعض هؤلاء الحكام أن يُغيّروا من ديانة المناطق التي يَستعمِرونها، كما عَمَدوا إلى جعل لغتهم الأجنبية اللغة الرسمية في تلك المستعمرات. وفي عدد من الحالات، حاول الحكام المستعمرون أن يحلوا ثقافتهم الخاصة محلَّ الثقافة المحلية. وساعد الحكام المستعمِرون في تطوير وتحديث المستعمرات عن طريق إنشاء خطوط السكك الحديدية والطرق البرية والمصانع، وكذلك عن طريق إنشاء المدارس والمستشفيات. لكنَّ القوى الاستعمارية كانت تحرص على تَبني سياسات اقتصادية وسياسية مفيدةٍ للاستعماريين أنفسهم.

السياسات الاقتصادية. عَمدت الدول الاستعمارية إلى الاستفادة من العوائد الاقتصادية للمستعمرات. وفي العصور القديمة، كانت هذه القوى تزيد من ثروتها عن طريق السُّخْرة (العمل بدون أجر)،كما فَُرضت الإتاوات على الشعوب المُستعمَرة بدعوى حماية هذه الشعوب من الدول الأخرى.
وفيما بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر الميلاديين، ظهر نظام اقتصادي في أوروبا يُدعى المركنتالية (أي النزعة التجارية). وفي ظلِّ هذا النظام، قامت القوى الأوروبية بتشكيل اقتصاد المناطق المستعمرة حسب حاجاتها التجارية. فعلى سبيل المثال، سنَّت بريطانيا عددًا من القوانين في القرن السابع عشر لتقوية سيطرتها على اقتصاد مستعمراتها الثلاث عشرة في أمريكا الشمالية. وقد كان بعض هذه القوانين يحصر التجارة بين المستعمرات البريطانية مع التجار البريطانيين فقط،كما كانت تشترط استخدام سفنٍ بريطانية فقط. أما القوانين الأخرى، فقد قلّصت من الصناعة في المستعمرات لأنَّ البريطانيين كانوا يريدون أن تعتمد المستعمرات على السلع المصنَّعة في بريطانيا. ولتشجيع الأمريكيين على تصدير السلع التي تحتاج إليها بريطانيا، عمد البريطانيون إلى إعطاء امتيازات تجارية لهذه الصادرات للتجار الأمريكيين. وقد أدارت القوى الأوروبية الأخرى تجارتها بالطريقة نفسها.
وكان الرِّق عُنصرًا مهمًا في السياسات الاقتصادية خلال عصر النزعة التجارية. في البداية، عَمَد الأوروبيون في أمريكا الجنوبية إلى تسخير الهنود الحمر للعمل في المزارع الضخمة المنتجة للقطن وغيره. وفي فترةٍ لاحقة، استوردوا الرقيق من إفريقيا.
وفي معظم دول أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، أُلْغِيَ الرق في القرن التاسع عشر. كما أن البريطانيين وجدوا منذ منتصف القرن التاسع عشر أنَّ سياسات النزعة التجارية قد أضرَّت ببعض صناعاتهم. ولذلك، بدأت بريطانيا بتطبيق نظام التجارة الحرة بشكلٍ تدريجيّ نجح في النهاية في إنهاء السيطرة على تجارة المستعمرات. وبحلول عام 1870م، كانت معظم القوى الاستعمارية قد حذت حذو بريطانيا في إلغاء القوانين التي تَحدُّ من حرية التجارة. لكنَّ حرية التجارة لم توقف تطوُّر وازدهار الاستعمار في إفريقيا وآسيا. واستمرت المستعمرات في تقديم المواد الخام والأسواق للسلع الأوروبية. كما أن مديري المصارف الأوروبيين وصنَّاعهم حقَّقوا أرباحًا من استثماراتهم في المصانع والمناجم والمزارع والطرق الحديدية التي أنشأوها فيما أطلقوا عليه اسم المناطق المتخلِّفة للمحافظة على تلك الاستثمارات.
وبحلول القرن العشرين، كانت معظم القوى الأوروبية قد عادت مرةً أخرى إلى السيطرة على النظم الاقتصادية. إلا أنَّ أدوات السيطرة لم تكن كاملةً كما كانت إبَّان مرحلة النزعة التجارية. واليوم، ما زالت المستعمرات القديمة تحتفظ بِصِلاَت اقتصادية قوية مع الدول التي كانت تحكمها.

الإدارة السياسية. اختلفت طرق الحكم في المستعمرات بشكلٍ كبير، فبعض الدول الحاكمة عمدت إلى جعل المستعمرات مستقلةً بشكلٍ كامل على حين أنَّها أعطت دولاً أخرى شيئًا من الحكم الذاتيّ. وإذا نظرنا في سياسات بلجيكا وفرنسا وبريطانيا والبرتغال في كلٍّ من إفريقيا وآسيا، فإننا نجد تباينًا في نظم الحكم.
والواقع أنَّ أكبر مستعمرة بلجيكية في إفريقيا كانت في الكونغو البلجيكي (الكونغو الديمقراطية الآن). وقد حكمت بلجيكا الكونغو منذ عام 1885م، وكانت تديرها بشكلٍ مركزيّ من بروكسل (العاصمة البلجيكية). ولم يُشرك البلجيك شعب الكونغو في الحكم، ولذلك فقد حدثت عدة انتفاضات في الكونغو عام 1959م، مما اضطر بلجيكا إلى إعطائها الاستقلال عام 1960م.
وكانت سياسة الحكم الفرنسيّ للمستعمرات شبيهة بهذا، فقد كان يتم حكمها بشكلٍ مركزيّ من باريس، وكان المتوقَّع من علْيَة القوم في المستعمرات أن يُصبحوا كالفرنسيين ثقافيًّا واقتصاديّا. لكن الفرنسيين لم يكونوا يفكرون في إنهاء استعمارهم.
وفى عام 1946م، قامت ثورةٌ في الهند الصينية لم تنته إلا عام 1954م، حينما أُجْبِر الفرنسيون على الانسحاب بعد تعرضهم لخسائر جسيمة. وفي عام 1954م، قامت ثورة مماثلة في الجزائر، إحدى المستعمرات الفرنسية في إفريقيا، واستمر الجهاد والنضال هناك حتى عام 1962م حين انتزعت الجزائر استقلالها. وبعد ذلك، مَنحت فرنسا الاستقلال بشكل سلمي لمعظم مُستعمراتها.
أما بريطانيا، فقد حَكمت معظم مستعمراتها عن طريق الوكلاء البريطانيين (والوكيل حاكم عام يكون مقره عاصمة المستعمرة). وخلال استعمارها، أعطت بريطانيا لمُستعمرَاتها صلاحيات أوسع في المحاكم المحلية والمجالس التشريعية والخدمات العامة. فعلى سبيل المثال، أدَّى الهنود دورًا أكبر في إدارة شؤون بلادهم منذ عام 1918م وحتى عام 1939م (فترة ما بين الحربين العالميتين)، وحصلت الهند على استقلالها عام 1947م. وكان النجاح الذي حققته الهند، في التحوُّل من مستعمرة إلى دولةٍ مستقلة، مثالاً طبقته بريطانيا على مستعمراتٍ أخرى. أما البرتغال، فقد ادَّعت أنَّ مستعمراتها تتمتع بالحكم الذاتي، لكنهاكانت في الواقع، تَسُن التشريعات وتُسير الشؤون الإدارية لمعظم أقاليمها فيما وراء البحار بنفسها.

آثار الاستعمار

كانت للاستعمار آثارٌ سلبية وأخرى إيجابية على كلٍّ من المستعمَرات والدول المُستعْمرَة على حدٍّ سواءً. فقد حقق المستعمرون شيئًا من التنمية الاقتصادية للمستعمرات، فأدخلوا إليها طرق الزراعة والصناعة والعلوم الطبيَّة الغربية. وفي الوقت نفسه، قامت القوى الاستعمارية باستغلال مستعمراتها واستفادت منها اقتصاديًا. وفي عدد من المستعمرات، قامت القوى الحاكمة بتعطيل الهياكل الاقتصادية التقليدية وتغييرها. فقد ألزموا المستعمرات بإنتاج المواد الخام وشراء معظم السلع المصنَّعة من الدول الحاكمة. وبهذه الطريقة، حطَّم المستعمِرون الأنشطة التجارية والصناعية في المستعمرات. ومع أن هناك نواحي إيجابيةً لربط المستعمرات بالنظام الاقتصادي الدولي، فإن شعوب تلك المستعمَرات فقدت القدرة على التحكم في مقدَّراتها الاقتصادية. وبالإضافة إلى ذلك، قاد ارتفاع مستويات المعيشة والاستقرار السياسي إلى زيادة كبيرة في عدد السكان، الأمر الذي أدى إلى توقف التحسن في مستوى المعيشة وربما ساعد على تقهقره.
وقام النظام الاستعماريُّ بزيادة رقعة السيطرة السياسية للدول الأوروبية، ولكنه أدى في الوقت نفسه إلى تقليص عدد من الحروب المحلية ووحَّد تلك المناطق تحت مظلة دولة واحدة. وأقامت القوى الحاكمة عددًا من المدارس الحديثة، وأدخلت النظام الديمقراطيّ في الحكم. ولكن، في العديد من الحالات، لم يمنح المُستعمرون الشعوب التي استعمروها إلا قدرًا ضئيلاً من التدريب والإعداد من أجل الاستقلال، كما حاول عددٌ من الحكام فرض ثقافتهم على الشعوب المُستعمَرة. ويعتقد بعض المؤرخين أنَّ الثقافة الغربية قد أفادت الشعوب المستعمَرة بطرق شتَّى، لكن عددًا من الدول التي كانت مُستعمَرة ً حاولت، بعد الاستقلال، إعادة إحياء ثقافتها وهويتها.
ولقد أثرى النظام الاستعماري الدول الحاكمة، ولكنه ساعد أيضًا في ظهور الحركات القومية وظهور الشعور الوطني بين الشعوب المستعمَرة. وبذلك، كتب الاستعمار نهايته بنفسه.
وكان من النتائج غير المتوقعة لنهاية الاستعمار أن ظهرت حركات الهجرة لعدد كبير من سكان المستعمرات إلى البلدان التي كانت تَستعمرها. كما أنَّ أعدادًا كبيرةً من الهنود والباكستانيين ومواطني جزر الهند الغربية وجدوا طريقهم إلى بريطانيا. وهاجرت أعدادكبيرة من إندونيسيا وسُورِينَام إلى هولندا. وهناك أعدادٌ من المهاجرين من شمالي إفريقيا تعيش في فرنسا. ومن ناحية أخرى، أسهمت هذه الهجرات في خلق تباين عرقي وثقافي في البلدان الأوروبية التي كانت يومًا ما ذات طابع عرقي واحد

م/ن

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الارشيف الدراسي

تقرير / بحث / عن فن الخزف الاسلامي -تعليم اماراتي

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أبسط الفنون جميعًا وأكثرها صعوبة في آن واحد. هي أبسط الفنون؛ لأنها أكثر أولية، وهي أكثر الفنون صعوبة؛ لأنها أكثر تجريدًا. وصناعة الفخار من الناحية التاريخية، من بين أوائل الفنون التي ظهرت على الأرض. فقد صنعت أقدم الأواني بالأيدي من الطين الخام المستخرج من الأرض، كانت مثل هذه الأواني تجفف في الشمس والهواء، وحتى في المرحلة التي سبقت قدرة الإنسان على الكتابة كان يملك هذا الفن، وما زال بإمكان الأواني التي صنعت في ذلك الزمن أن تحركنا بشكلها المؤثر. وحينما اكتشفت النار وتعلم الإنسان أن يجعل أوعيته أكثر صلابة وقدرة على البقاء، وحينما اخترعت العجلة، واستطاع صانع الفخار أن يضيف الإيقاع والحركة المتصاعدة إلى تصوراته عن الشكل. حينئذ تواجدت – أو توافرت – كل الأسس اللازمة لهذا الفن الأكثر تجريدًا. لقد نشأ وتطور من أصوله الوضعية، حتى أصبح في القرن الخامس قبل الميلاد، الفن الممثل لأكثر الأجناس التي عرفها العالم من قبل ثقافة وحساسية. فالزهرية اليونانية نموذج للتناغم الكلاسيكي، وحينئذ قامت حضارة ناحية الشرق، فجعلت من صناعة الفخار فنها الأثير والأكثر تعبيرًا عنها، بل استطاعوا أن يدفعوا بهذا الفن إلى صور أندر نقاء مما استطاع الإغريق أن يحققوه. فالزهرية اليونانية تمثل تناغمًا جامدًا (استاتيكيًّا)، أما الزهرية الصينية – حينما تتحرر من التأثيرات المفروضة للثقافات الأخرى والأساليب الفنية المخالفة، فقد حققت تناغمًا متحركًا (ديناميكيًّا) أنها ليست شيئًا خزفيًّا، وإنما هي زهرة حقيقية.

و في كتاب تاريخ العمارة والفنون الإسلامية للأستاذ توفيق أحمد عبد الجواد أنه لم يكن للخزف قيمة تذكر في العصور القديمة قبل الإسلام، وذلك بسبب استخدام المسئولين على رعاية الفنون للأواني المعدنية من الذهب والفضة، وبالتالي لم يهتموا بالأواني التي تصنع من الفخار، ولما جاء الإسلام حَرَّم البذخ والتغالي في استعمالات أدوات الزينة والأواني المصنوعة من الذهب والفضة، مما كان لهذا التحريم أطيب الأثر في العناية بصناعة الخزف وابتكار أنواع جديدة؛ لتحل محل الأواني المعدنية. فظهر لأول مرة الخزف ذو الزخارف البارزة تحت طلاء مذهب الذي يعتبر التجربة الأولى لابتكار الزخرفة بالطلاء ذي البريق المعدني في البصرة بالعراق في القرن التاسع الميلادي، الذي يُعَدُّ ابتكارًا إسلاميًّا خالصًا غير مسبوق في الحضارات السابقة على الإسلام، ولم يتوصل له الصينيون بالرغم من عُلُوِّ شأنهم في مجال صناعة الخزف والبورسلين. وانتقل الخزف العربي من مرحلة تقليد الخزف الصيني إلى مرحلة الابتكار وإبراز الشخصية الفنية العربية، وانتشر هذا النوع الجديد من الفن الخزفي بين العراق موطنه الأصلي إلى مصر حينما دخلها أحمد بن طولون، ووصلت صناعته إلى درجة ممتازة من الرقي في العصر الفاطمي.

وتعرض لنا أواني الخزف الفاطمي لوحات رسومات أشخاص وطيور وحيوانات، وزخارف نباتية وهندسية، وكتابات بالخط الكوفي الجميل، فضلاً عن مناظر للرقص والموسيقى والصيد، ومناظر من الحياة اليومية الاجتماعية كالمبارزة بالعصي – التحطيب – والمصارعة ومناقرة الديوك وغيرها. وقد سجل الرَّحالة الفارسي ناصري خسرو، الذي زار القاهرة أيام الخليفة المنتصر بالله ما يأتي:

"يصنعون بمصر الفخار من كل نوع، لطيف وشفاف، حتى أنه يمكن أن ترى باطن الإناء باليد الموضوعة خلفه، وكانت تصنع بمصر الفناجين والقدور والبراني والصحون والأواني الأخرى وتزين بألوان تشبه النسيج المعروف باسم البوقلمون، وهو نسيج تتغير ألوانه باختلاف سقوط الضوء عليه". ونجد في كنائس مدينة بيزا بإيطاليا أطباقًا من الخزف القاهري ذي البريق المعدني حملها معهم بعض السائحين إلى مصر، وثبتوها على حوائط الكنائس اعتزازًا بها كلوحات وتحف فنية جميلة.

ثم أصيبت هذه الصناعة بنكسة عندما احترقت مصانع الخزف في الفسطاط، حينما أغار عليها الصليبيون. وبسقوط الدولة الفاطمية وظهور الدولة الأيوبية التي حاربت المذهب الشيعي، السبب الذي من أجله رحل الكثير من الفنانين والخزافين إلى إيران، حيث ظهر هذا الفن الجديد، فن صناعة الخزف في أواخر القرن السادس الهجري.

وفي العصر الأيوبي اهتمت الدولة الإسلامية بهذه الصناعة، وظهر نوع جديد منها، عرف باسم الخزف الأيوبي، الذي امتاز برقة الطينة وجمال التزجيج، له أرضية خضراء وزخارف سوداء ورسومات بديعة لأنواع نباتية يتخللها أشكال جميلة للطيور والحيوانات، حيث ينسب إلى القرن السابع الهجري – 13م – في القاهرة نوع جميل من الخزف، عبارة عن عجينة بيضاء ترسم عليها الزخارف بالأسود تحت طلاء زجاجي أخضر أو أزرق أو بنفسجي، وأحيانًا ترسم فيه الزخارف بألوان متعددة من الأحمر والأزرق والأسود تحت طلاء شفاف. تتألف زخارفه من رسومات آدمية مثل لقاء شخصين في قارب شراعي، أو لقاء حول شجرة، أو شخص ممسك بكأس، أو عازف على الهارب Harp، أو فارس مُمْتطيًا جواده، فضلاً عن رسومات طيور وحيوانات تتمتع بقسط وافر من المرونة والحركة. ومن الرسومات الجميلة من الخزف الموجود في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة رسم للسيدة العذراء تسند إليها السيد المسيح عليه السلام، ولهذه القطعة بقية محفوظة بمتحف ناكي في أثينا صورة قديسين وفوقهم ملائكة مجنحة.

أما الخزف في عصر المماليك فكانت زخارفه من رسومات لصور حيوانات ترسم بالأسود والأزرق تحت طلاء زجاجي شفاف على أرضية من زخارف نباتية قريبة من الطبيعة، متأثرًا بذلك التأثير الإيراني؛ حيث هاجر كثير من الفنانين والخزافين من إيران والعراق إلى الشام ومصر أثناء حرب المغول مع المماليك.

وظهر نوع آخر من الخزف في العصر المملوكي المتأثر بالخزف الإيراني في منتصف القرن الرابع عشر الميلادي متأثرًا بالبورسيلين الصيني المزخرف بالأزرق على أرضية بيضاء؛ حيث نجد فيه زخارف مقتبسة مثل رسم التنين والعنقاء – الرخ – الرسومات لحيوانات وطيور ونباتات مائية مرسومة طبقًا لقواعد الطراز الصيني.

كذلك ظهر نوع من الخزف الشعبي أرخص وأكثر استعمالاً وهو الفخار المطلي بالمينا المتعدد الألوان، وكان كثير الاستعمال في المطابخ والحاجيات اليومية. ويتكون بدن الأواني في هذا النوع من طينة عادية من الفخار حمراء أو سوداء اللون، تغطيها بطانة بيضاء ترسم فوقها الزخارف بالمينا الملونة، وتحدد الرسومات بخطوط تَحُزُّ في بطانة الإناء، وقد تكون هذه الخطوط بلون عسلي قاتم يحدد الزخارف، ثم يعلو هذه الزخارف طلاء زجاجي شفاف. وقد يحدث في بعض الأواني أن تكشط الأرضية تحت طبقة الطلاء الشفاف، وقد تُنَفَّذ بعض الزخارف البارزة بعجينة طلاء زجاجي ملون، أي بطانة سائلة بطريقة القرطاس أو القمع، وقد نجح الخزافون المصريون في هذا النوع في استخدام خامات رخيصة لإنتاج تحف ذات جمال خاص للاستعمال اليومي.

وتزدان هذه الأواني من الفخار المطلي بأشكال هندسية مختلفة، بعضها تشبه قرص الشمس وأشرطة وجدائل وزخارف نباتية متشابكة قد ترتب أحيانًا على شكل هرمي، كما تزخرف أحيانًا برسومات لحيوانات أو طيور من أنواع مختلفة، وفي حالات قليلة برسومات آدمية بعضها يمثل صيادًا على جواده أو بحارًا يمسك بمرساة قاربه ومجالس شراب أو طرب. وتمثل الكتابات مكانًا بارزًا في زخارف هذا النوع من العصر المملوكي بالخط الثُّلُث الجميل أو بخطوط سريعة تشتمل على عبارات دعائية لصاحب الآنية أو أسماء أصحابها وألقابهم ووظائفهم.
وفي النصف الثاني من القرن الخامس عشر الميلادي بدأت صناعة الخزف المصري في الاضمحلال؛ نظرًا لأن البورسلين الصيني غمر الأسواق المصرية بكميات كبيرة أقبل الناس على شرائها، وخاصة بعد الضعف الشديد الذي أصاب هذه الصناعة المصرية، وتدهورت هذه الصناعة بعد الفتح العثماني التركي سنة 1517م، وأخذت مصر تستورد الخزف من آسيا الصغرى.

و الان يوجد في مصر مركز الخزف الاسلامي من اكبر مراكز الخزف ملحق به ورشة و متحف و مركز ثقافي

م/ن

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الارشيف الدراسي

تقرير / بحث / عن الدواوين في الدوله الامويه

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

يعرف عن خلفاء بني أمية ـ وبصفة خاصة المؤسسين الكبار منهم مثل معاوية بن أبي سفيان وعبد الملك بن مروان ـ حرصهم علي حسن إدارة دولتهم والسهر علي مصالح الرعية ، لينتظم لهم أمر الملك ، فلم يدخروا وسعا في اقتباس الأساليب الإدارية النافعة لتطبيقها في دولتهم وإنشاء الدواوين والأجهزة ، لإدارة مرافق الدولة . والديوان كلمة فارسية معناها السجل أو الدفتر الذي تدون فيه الاسماء والأموال وقد أطلق الإسم مجازا علي المكان الذي يعمل فيه الموظفون المختصون بالعمل في الديوان .
وأول من أنشأ الدواوين في الدولة الإسلامية عمر بن الخطاب ، فلم يكن علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق دواوين فقد كان الرسول صلي الله عليه وسلم يدير أمور الدولة معاونة أصحابه ، وكان كل منهم يقوم بالعمل الذي يكلفه به الرسول صلي الله عليه وسلم حسبما تقضي به الحاجة ودون أن تكون لهم أماكن محددة تمسي دواوين ، واستمر الحال كذلك في عهد أبي بكر . فلما كان عهد عمر بن الخطاب ، واتسعت الدولة وزادت مواردها المالية ، اقتضي الأمر خطوة الي الأمام علي طريق التنظيم الإداري والمالي للدولة ، فكان إنشاء الديوان ويعزو المؤرخون سبب إنشاء عمر الديوان الي كثرة الأموال التي أخت تتدفق علي المدينة من غنائم الفتوحات ومن الصدقات وغيرها فلما تحير عمر في كيفية التصرف في هذه الأموال الكثيرة استشار الصحابة في ذلك ، فقال عثمان بن عفان : (( أري مالا كثيرا يسع الناس ، وإن لم يحصوا حتي يعرف من أخذ ممن لم يأخذ خشيت أن يشتبه الأمر فقال له الوليد بن هشام بن المغيرة : قد جئت الشام فرأيت ملوكها قد دونوا ديوانا وجندوا جندا ، فدون ديوانا وجندا جندا ، فأخذ بقوله : فدعا عقيل بن أبي طالب ، ومخرمة بن نوفل ، وجبير بن مطعم ، وكانوا من كتاب قريش ، فقال : اكتبوا الناس علي منازلهم )) ويفهم من كلام المؤرخين أن عمر أنشأ ديوانين لا ديوانا واحدا ، فقد أنشأ ديوانا للعطاء بدأ فيه بقرابة رسول الله صلي الله عليه وسلم وأزواجه وفرض للناس حسب سابقتهم ففضل أصحاب بدر عليه غيرهم . والي جانب هذا كان هناك ديوان للجند ، أي المجاهدين ، تدون فيه أسماؤهم وعطاؤهم ويبدوا أن أسماء الجند كانت تدون حسب قبائلهم (( حتي تتميز كل قبيلة عن غيرها )) كما يقول الماوردي ، فكان كل قبيلة تمثل فرقة من فرق الجيش .وهكذا وضع عمر بن الخطاب أساس نظام الدواوين في الدولة الإسلامية مستفيدا في ذلك بتجارب الفرس والروم . ولما قامت الدولة الأموية دعت الضرورة الي إنشاء دواوين أخري .
فبالإضافة الي ديواني العطاء والجند ، أنشأ الأمويون عدة دواوين أخري رئيسية هي :
1 ـ ديوان الخراج :
وهو المختص بالأموال فكل موارد الدولة ، من غنائم وجزية وخراج الأرض ، وزكاة وعشور ، أي الضرائب التي كانت تؤخذ من التجار علي أنواع التجارة ، وهي شبيهة بإيرادات الجمارك في الوقت الحاضر ، وكان التجار علي ثلاثة أنواع ، تجار مسلمون يؤخذ منهم ربع العشر من قيمة تجارتهم ، وتجار من أهل الذمة يؤخذ منهم نصف العشر ، وتجار من أهل الحرب ، يؤخذ منهم العشر ، ولا يؤخذ من أحد من هذه الأنواع الثلاثة شئ إذا كانت قيمة التجارة أقل من مائتي درهم . كل هذه الموارد وغيرها كانت تصب في بيت المال ، ويهيمن عليها ديوان الخراج الرئيسي في دمشق ـ عاصمة الدولة الأموية ـ فقد كان لكل إقليم ديوان محلي ففي العراق ديوان ، وفي مصر ديوان .. الخ . وكانت هذه الدواوين تجمع ما يرد إليها من أموال علي اختلاف أنواعها ثم تصرف ما يلزمها من مرتبات الجنود والموظفين ، وما تحتاجه المرافق العامة ، مثل إنشاء الطرق وبناء الجسور وشق الترع والقنوات الخ .. ثم ترسل ما يتبقي لديها الي بت المال المركزي في دمشق ،الذي يقوم بدوره بالصرف علي ما يلزمه ، وأبواب الصرف كانت كثيرة ، مثل نفقات دار الخلافة ومرتبات الجند والموظفين والاتفاق علي المرافق العامة للدولة .والأعطيات التي كانت تمنح للشعراء والخطباء من مؤيدي الدولة وللشخصيات الكبيرة التي كانت الدولة تتألفها .
2 ـ ديوان البريد :
وهذا الديوان أنشأه معاوية بن أبي سفيان وكان لهذا الديوان مهتمان رئيسيتان ، ا لأولي نقل الرسائل من دار الخلافة وإليها ، سواء كانت هذه الرسائل داخلية أو خارجية ، فالرسائل الداخلية هي التي كانت تدور بين الخلافة وولاة الأقاليم والقادة وكبار الموظفين والرسائل الخارجية هي التي كانت تدور بين الخلافة وبين الدول الأجنبية ، حيث كانت تقوم بعثات من دار الخلافة بحمل رسائل من الخليفة الي ملوك الدولة الأجنبية وبصفة خاصة الي أباطرة الدولة البيزنطية .
وفي الحقيقة أصل هذا الديوان وجوهر عمله كان موجودا منذ عهد الرسول صلي الله عليه وسلم فقد كان يرسل رسلا ومبعوثين يحملون منه رسائل الي الملوك والأمراء المعاصرين له ، كما حدث بعد صلح الحديبية ، حين أرسل الي كسري وهرقل والنجاشي والمقوقس ، وغيرهم ، يدعوهم الي الإٍسلام . والجديد في الأمر أن معاوية بن أبي سفيان أنشأ لهذا النوع من العمل ديوانا خاصا ، له موظفون مخصوصون ، يقومون علي العمل فيه وذلك لم يكن موجودا قبل معاوية .
وأما المهمة الثانية التي كان يقوم بها ديوان البريد في العصر الأموي ، فهي أن موظفي هذا الديوان كان عيون الخليفة ، يراقبون له الولاة والعمال وأعمالهم ومسلكهم ، ويرفعون إليه تقارير بكل ما يصل الي عملهم من ذلك ، حتي يكون الخلفاء علي علم بأحوال الولايات وبكل ما يدور فيها .
ومعني ذلك أن ديوان البريد كان يقوم في العصر الأموي بدور ما يسمي بالرقابة الإدارية في الوقت الحاضر ، وهي دور خطير جدا .
وكلمة بريد ربما كانت من أصل يوناني بمعني المراسلات ، أما المسلمون فقد أخذوها من المسافة التي قدروها بين كل بريد وبريد . كما يقول ابن الطقطقا . وهي اثنا عشر ميلا ، حيث قسموا المسافات بين عاصمة الخلافة وعواصم الأقاليم الي مسافات متساوية ، كل مسافة منها إثنا عشر ميلا ، ليسهل نقل الرسائل والأخبار بسرعة ، حيث كانت خيل البريد تحمله وتسير هذه المسافة ، فإذا وصلت الي نهايتها وجدت خيلا أخري في انتظارها جاهزة ومستريحة فتحمله الي مسافة أخري ، وهكذا الي ان يصل الي عاصمة الخلافة إن كان واردا إليها أو الي عواصم الأقاليم إن كان صادرا عنها .
وقد اهتم ا لأمويون اهتماما كبيرا بهذا الديون لأهميته الكبيرة في دولتهم المترامية الأطراف ، لكثرة مشاكلها والخارجين عليها ، حيث كان رجال البريد ــ كما ذكرنا ــ يقومون بدور الرقابة علي العمال والموظفين .

3 ـ ديوان الخاتم :
وهو الذي كانت ترسل إليه أوامر الخليفة ومكاتباته فتنسخ منها نسخ وتحفظ فيه ، حتي مكن الرجوع إليها عند الضرورة ، ثم يختم الأصل بخاتم هذا الديوان ، يم يطوي ويحزم بخط ثم يختم بالشمع ، لئلا يمكن فتحه والإطلاع عليه ما فيه ، فهو أشبه بإدارة الأرشيف في الوقت الحاضر ، وكان هذا الديوان من أهم الدواوين في الدولة الأموية وأول من أنشأ معاوية بن أبي سفيان ن والذي حمله علي ذلك ما يقول ابن الطقطقا ، أنه كان أحال رجلا ــ هو عمر بن الزبير ــ علي زياد في العراق بمائة ألف درهم ، وكتب له كتابا بذلك ، فلما قرأ الكتاب ــ وكان غير مختوم ــ جعل المائة مائتين ، فلما رفع زياد سابه الي معاوية في نهاية العام وأطلع علي ذلك أنكره ، وقال : ما أحتله إلا بمائة ألف فقط ، ثم حبس عمرو بن الزبير حتي قضي عنه أخوه عبد الله المائة الألف الزائدة وأمر بإنشاء هذا الديوان . وهذه الحادثة علي بساطتها تصور يقظة معاوية ودقته في تفحص أعمال الولاة ، وحرصه علي ضبط الأمور كبيرها وصغيرها ومرة أخري فقول ــ كما قلنا بشأن ديوان البريد ــ إن ختم الرسائل لم يكن جديدا ، بل كان معروفا منذ عهد النبي صلي الله عليه وسلم فعندما عزم علي إرسال رسائله الي كسري وقيصر وغيرهما ، قالوا له : يارسول الله إن الأعاجم لا تقبل رسالة إلا ان تكون مختومة ، فاتخذ خاتما من فضه نقش عليه محمد رسول الله ، وكان يختم به رسائله وقد وكل بحمله بعض الصحابة ، مثل معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي ، الذي عرف بحامل خاتم النبي صلي الله عليه وسلم وظل الخلفاء الراشدون يستخدمون خاتم النبي صلي الله عليه وسلم في ختم رسائلهم ، حتي سقط من يد عثمان بن عفان في بئر أريس فاتخذ خاتما غيره ، نقش عليه أيضا محمد رسول الله ، فبذور الإدارة والنظم وضعت إذن منذ عهد الرسول صلي الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ، فالجديد في عمل معاوية هو تطوير هذه البدايات التنظيمية طبقا لمقتضيات الظروف واتساع رقعة الدولة .
4 ـ ديوان الرسائل :
وكان مختصا بصياغة الكتب والرسائل والعهود التي كانت تصدر عن الخلافة الي الولاة والعمال في داخل الدولة ، ويتلقي المكاتبات التي تصل منهم ، ويقوم موظفوه بعرضها علي الخليفة ، وكان كتاب هذا الديوان يختارون بعناية كبيرة ، من بين المشهورين بالبلاغة والفصاحة والعلم بالشريعة وأحكامها ، واللغة العربية وآدابها ، ومن أصحاب المرؤة والأخلاق الفاضلة ، وكان يراعي فيهم أن يكونوا من أرفع الطبقات حسبا ونسبا . ومن أشهر الكتاب في العصر الأموي ، عبد الحميد بن يحي كاتب مروان بن محمد ، الذي صاغ الشروط والمواصفات التي يجب أن تتوفر فيمن يقوم بهذه المهمة الجليلة بين يدي الخفاء والأمراء في رسالة وجهها الي الكتاب يعتبرها المؤرخون أحسن ماكتب في هذا الباب .ويبدو أن عمل ديوان الرسائل لم يكن مقصورا علي أمر المكاتبات الداخلية في الدولة ، بل كان ينظر أمر العلاقات الخارجية ، ويشرف علي الوفود والبعثات الدبلوماسية التي كانت ترسلها الدولة الي الدول الأجنبية ، ويستقبل كذلك الوفود الأجنبةالتي تأتي الي دمشق ، سواء لمجرد الزيارة أو للمفاوضات من أجل معاهدات صلح وخلافة ويقوم علي ضيافتهم وإسكانهم في بيوت الضيافة ، وتعيين المرافقين الذي يصحبونهم أثناء إقامتهم ويطلعونهم علي المعالم المهمة في البلاد ، وعلي هذا يكون ديوان الرسائل في الدولة الأموية أشبه بديوان رئاسة الجمهورية والديوان الملكي ، وإدارات المراسم والعلاقات العامة في الدول المعاصرة .
5 ـ ديوان العمال :
وهو المسئول عن جميع الموظفين المدنيين في الدولة من حيث ترتيب أعمالهم ووظائفهم ومرتباتهم .. الخ ولعل جميع أسماء موظفي الدواوين السابقة ــ ما عدا ديواني الجند والعطاء ــ كانت مدونة فيه ، فهو أشبه بديوان الموظفين في النظم المعاصرة ، وسبق أن أشرنا الي ما ذكره الطبري من أن سجلات هذا الديوان في البصرة في ولاية عبيد الله بن زياد 55 ـ 64 هـ كانت تحوي مائة وأربعين ألفا من مختلف الموظفين والعمال المدنيين . وخلاصة القول : أن الأمويين كانوا يعملون جاهدين علي تطوير دولتهم إداريا وإنشاء كل ما تدعوا الضرورة الي إنشائه من الدواوين والأجهزة ، وإسناد إدارتها الي خيرة من أهل الشرف والنسب والعلم والثقافة والمرؤة والأمانة .
منقول من كتاب الاستاذ الدكتور عبدالشافي محمد عبداللطيف الدولة الاموية

م/ن

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الارشيف الدراسي

تقرير / بحث / عن تاريخ الدوله الطولونيه

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

الدولة الطولونية

(254-292هـ/ 868-905م)

فى عهد الخليفة الواثق، كانت مصر من نصيب "باكباك" التركى حيث ازداد نفوذ الأتراك،

وأخذوا يتولون المناصب الكبري، ويتقاسمونها فيما بينهم.

ولكن "باكباك" فَضَّلَ أن يبقى فى العاصمة "بغداد" ويبعث من ينوب عنه فى ولاية مصر.

ووقع الاختيار على أحمد بن طولون، ذلك الشاب الذى نشأ فى صيانة وعفاف ورياسة ودراسة

للقرآن العظيم مع حسن صوت به، وكان والده مملوكًا تركيا بعث به وإلى بلاد "ما وراء

النهر" إلى الخليفة "المأمون العباسي" ولما مات والده تزوج باكباك أمه.

وجاء أحمد بن طولون ليحكم مصر نيابة عن "باكباك" التركي، ولكن موقع مصر الجغرافي،

وبُعد المسافة بين العاصمة المصرية "الفسطاط" والعاصمة العباسية "بغداد" شجع وإلى

مصر الجديد على الاستقلال بها.

فلم يكد أحمد بن طولون يستقر فى مصر سنة 254هـ حتى أخذ يجمع السلطة كلها فى يده.

لقد عزل الموظف العباسى المختص بالشئون المالية فى مصر واسمه "عامل الخراج" وصار

هو الحاكم الإدارى والمالى والعسكري.

وكان له ما أراد، فأقر الأمور فى البلاد، وقضى على الفتن، ونشر الطمأنينة فى ربوع الوادي،

وعَمَّ البلاد الرخاء.

استقلال مصر عن الخلافة:

ولقد أتاحت له الظروف أن يعلن استقلاله بالبلاد فى عهد الخليفة المعتمد العباسي، عندما بعث

ابن طولون بإعانة مالية للخلافة مساعدة منه فى القضاء على "ثورة الزنج". ولكن "طلحة"

أخا الخليفة بعث يتهم ابن طولون بالتقصير فى إرسال المال الكافي، ويتهدده ويتوعده، وهنا

كان رد ابن طولون قاسيا وعنيفًا، ولم يكتف بهذا بل أعلن استقلاله بالبلاد.

وتأسست فى مصر "الدولة الطولونية" نسبة إلى منشئها أحمد ابن طولون، وراح أحمد بن

طولون يعدّ جيشًا قويا لحماية البلاد داخليا وخارجيا؛ وقد بلغ جيش مصر فى عهد أحمد بن

طولون مائة ألف جندي.

القطائع عاصمة مصر:

وراح يفكر فى اتخاذ عاصمة له غير "الفسطاط" تضارعها وتنافسها، فاتخذ الأرض الواقعة

بين السيدة زينب والقلعة وسماها "القطائع"، وعليها أقام جامعه الكبير الذى ما زال موجودًا

حتى الآن، وجعله معهدًا لتدريس العلوم الدينية، وكان ابن طولون رجل صلاح وبرٍّ، يتصدق

من خالص ماله فى كل شهر ألف دينار.

وقد رابطت فى العاصمة الجديدة طوائف الجند حيث أقطعهم أحمد بن طولون أرضًا يقيمون

عليها.

حماية الثغور:

وأمام ما وصل إليه أحمد بن طولون من قوة، كان لابد أن تتقرب إليه الخلافة العباسية ليقف

إلى جانبها فى مواجهة الروم البيزنطيين، الذين لا يكفُّون عن الإغارة من آسيا الصغري.

إن شمال الشام منطقة حساسة، وكانت المناطق الملاصقة للروم فيه تعرف باسم "إقليم

العواصم والثغور" فهى تشتمل على المنافذ والحصون القائمة فى جبال طوروس.

فليس عجيبًا إذن أمام ضعف الخليفة وقوة أحمد بن طولون أن يعهد إليه بولاية الثغور الشامية

للدفاع عنها ورد كيد المعتدين.

لقد كان أحمد بن طولون مهيأً لهذه المهمة وجديرًا بها، فبعث بجزء من جيشه وأسطوله ليرابط

هناك على الحدود، يحمى الثغور، ويؤمن المنافذ والحصون.

الوحدة بين مصر والشام:

ثم يتوفى والى الشام التركى سنة 264هـ، فيضم أحمد بن طولون البلاد إليه لكى يستكمل

وسائل الدفاع على إقليم الثغور.

وصارت مصر والشام فى عهد الدولة الطولونية وحدة لها قوتها فى الشرق العربي، تحمل راية

الدفاع عن أرض الإسلام ضد الروم، بينما عجزت الخلافة العباسية فى ذلك الوقت عن

مواجهة قوى الشر والعدوان، وأمام قوة أحمد بن طولون وقيامه بتوحيد الشام ومصر تحت

إمرته خشى أباطرة الروم سلطانه، وخافوا سطوته، فبعثوا إليه يودون أن يعقدوا هدنة معه، بل

لقد حدث أكثر من ذلك، لقد عزم الخليفة العباسى "المعتمد" على مغادرة البلاد سرّا فرارًا من

سيطرة أخيه الموفق "طلحة"، فأين يذهب يا تري؟!

لقد قرر اللجوء إلى أحمد بن طولون صاحب القوة الجديدة فى مصر والشام، ولكن أخاه الموفق أعاده إلى عاصمة الخلافة بالعراق.
وظلت الوحدة بين الشام ومصر قائمة فى عهد أحمد بن طولون، وراحت قواته البحرية والبرية

تحمى هذه الوحدة وتعلى قدرها فى شرق البحر الأبيض المتوسط.

ولاية خمارويّه:

ويتولى ابنه "خُمارويه" بعده حاملاً راية الدفاع عن مصر والشام كما كان أبوه. ولكن

"طلحة" أخا الخليفة "المعتمد" يعود إلى محاولاته ودسائسه لإعادة مصر والشام إلى سيطرة

الخلافة العباسية.

ويعد خمارويه جيشًا يتولى قيادته بنفسه، ويهزم قوات أخى الخليفة عند دمشق فى معركة

"الطواحين" سنة 273هـ/ 887م، فلا يملك إلا أن يعقد مع "خمارويه" صلحًا اعترفت فيه

الخلافة العباسية بولاية خمارويه على مصر والشام، ولأبنائه من بعده لمدة ثلاثين سنة. وكان

نصرًا رائعًا أتاح له أن يسيطر على منطقة العواصم والثغور، وأصبح "خمارويه" قوة يرهبها

الروم.

مصاهرة الخليفة:

وهكذا القوة تكسب أصحابها الاحترام والسيطرة والنفوذ، وتزداد العلاقة بين خمارويه والخلافة

العباسية قوة، حيث يتزوج الخليفة المعتمد "العباسة" بنت خمارويه المعروفة باسم "قطر

الندي"، وهى التى جهزها أبوها بجهاز لم يسمع بمثله.

وراح خمارويه يهتم بمرافق الدولة، ويخصص الأموال لمساعدة الفقراء والمحتاجين، ويشيد

القصور الضخمة فى عاصمة أبيه "القطائع". وظل خلفاء خمارويه فى الحكم ما يقرب من

عشر سنوات بعد وفاته مقتولا عام 282هـ/ 895م.

إعادة الدولة إلى الخلافة:

لقد ولى مصر بعد خمارويه ثلاثة من آل طولون لم يسيروا على نهجه، بل انغمسوا فى اللهو

والملذات، فكثر الطامعون فى الحكم، وانتشرت الفوضي، وانتهى الأمر بعودة جيوش الخلافة

العباسية لاسترداد مصر من يد رابع الولاة الطولونيين عليها.

وفى سنة 292هـ/ 905م دخلت الجيوش العباسية القطائع تحت قيادة محمد بن سليمان وقد

قبض على الطولونيين وحبسهم وأخذ أموالهم وأرسلهم إلى الخليفة، وأزال بقايا الدولة

الطولونية التى حكمت مصر والشام مدة ثمانية وثلاثين عامًا .

م/ن

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الارشيف الدراسي

تقرير / بحث / عن الدولة الفارسية قبل الإسلام -تعليم الامارات

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

الدولة الفارسية قبل الإسلام تعتبر الإمبراطورية الفارسية التي تعرف بدولة الفرس أو الدولة الكسورية، من أعظم وأكبر الدول التي سادت المنطقة قبل البعثة النبوية، حتى إنها فاقت الإمبراطورية البيزنطية في الشهرة والقوة، ولقد مرت هذه الدولة بعدة أطوار قبل البعثة وبعدها، ونقف في هذا المقال على ذكر ما كانت عليه الدولة الفارسية من انحطاط وخلل كبير في الأنظمة الساسية والدينية والاجتماعية التي سادت قبل البعثة المحمدية.

أولاً: الحالة السياسية والاقتصادية:
كانت الدولة الساسانية تحكم بلاد إيران في القرن السابع الميلادي ويكوِّن الفرس مادة الإمبراطورية, ولكنها أخضعت الترك في بلاد ما وراء النهر, والعرب في العراق, وكانت حدودها الغربية غير مستقرة حسب قوتها, فأحيانًا تغلب على أطراف بلاد الشام كما حدث سنة 614م عندما اجتاحت بلاد الشام واستولت على بيت المقدس, ثم استولت على مصر سنة 616م. ولم يستسلم هرقل إمبراطور الروم بل أعاد تنظيم بلاده وإعداد جيوشه وهزم الفرس في آسيا الصغرى سنة622م, ثم استعاد منهم سوريا ومصر سنة 625م, ثم هزمهم هزيمة ساحقة سنة627م (6هـ) قرب أطلال نينوى, مما أدى إلى ثورة العاصمة (المدائن) ضد كسرى الثاني, وعقد خليفته شيرويه الصلح مع هرقل, على أن أحوال الدولة الفارسية لم تستقر بعد ذلك, إذ تكاثرت الثورات والانقلابات الداخلية, حتى تعاقب على عرش فارس في تسع السنوات التالية أربعة عشر حاكمًا, مما مزّق أوصال دولة الفرس, وجعلها مسرحًا للفتن الداخلية, حتى أجهز عليها العرب المسلمون في حركة الفتح. هذا عن الأحداث السياسية والعسكرية التي مرت على بلاد فارس.

نظام الحكم:
كان نظام الحكم كسرويًا مطلقًا, يقف على رأسه الملك, ولقبه كسرى, وصلاحياته مطلقة, وأحيانًا يوصف بصفات الألوهية, فكسرى أبرويز وصف نفسه بـ ((الرجل الخالد بين الآلهة, والإله العظيم جدًا بين الرجال)) مما يدل على الغرور والتعاظم, في حين وصفه المؤرخون بـ ((الملك الحقود المرائي الجشع الرعديد)). وبينوا اهتمامه الكبير بجمع أكوام الذهب والفضة والجواهر التي ملأت خزائنه عن طريق المظالم التي استغل بها بؤس رعيته. وكان يلجأ الى المنجمين والكهان والسحرة لاستشارتهم في اتخاذ قراراته المهمة.

ثانيًا: الحياة الاقتصادية:
احتكر الأقوياء الثروة ومصادرها, وانهمكوا في مباهج الحياة وملذاتها, وزادوا من ثرائهم بالربا الفاحش والمكوس والضرائب الثقيلة التي فرضوها على الضعفاء من الفلاحين والعامة, فزادوها فقرًا وتعاسة, وحرّموا على العامة أن يشتغل الواحد منهم بغير الصناعة التي مارسها أبوه, وكان العامة من سكان المدن يدفعون الجزية كالفلاحين, ويشتغلون بالتجارة والحرف, وهم أحسن حالاً من الفلاحين الذين كانوا تابعين للأرض, ومجبرين على السخرة, ويجرّون إلى الحروب بغير أجر ولا إرادة. وكانت الجباة للضرائب لا يتحرزون من الخيانة واغتصاب الأموال في تقدير الضرائب وجبايتها, وكانت الضرائب تفرض بصورة اعتباطية وخاصة وقت الحروب.

ثالثًا: الحالة الدينية والفكرية:
لم يعرف الفرس الدين الحق, ولم تنتشر بينهم الأديان السماوية التي سبقت ظهور الإسلام إلا بنطاق محدود جدًا, وكان أكثرهم على المجوسية, فمنذ القرن الثالث الميلادي صارت الزرادشتية دينًا للدولة, وقد تدهورت أخلاق رجال الدين الزرادشتي فوصفوا بالارتداد والحرص والاشتغال بحطام الدنيا, وحاول كسرى الثاني تجديد الزرادشتية، وإحياء معابد النيران، ونشر تفسير جديد لكتابها ((الآفستا)) وكانت عقوبة من يخرج عليها الإعدام. وتقوم العقيدة الزرادشتية على الثنوية, أي وجود إلهين في الكون هما إله النور (اهورا مزدا) وإله الظلام (أهد يمن) وهما يتنازعان السيطرة على الكون, ويقف البشر الأخيار مع إله الخير, والأشرار مع إله الظلام، وتقدس الزرادشتية النار, وقد أقيمت معابد النيران في أرجاء الدولة, ويعرف رجال الدين الزرادشتيون بـ (الموابذة) وكل منهم يرأس مجموعة يسمون (الهرابذة) وهم الذين يخدمون نار المعبد في كل قرية . وهذه المعتقدات الباطلة لا تقدر أن تهب النفوس البشرية الطمأنينة والراحة النفسية, ولا تشبع تطلعها الى عبادة الله الواحد الحق, ولا تمنحها القيم الاخلاقية الرفيعة, ولا قواعد العدل الاجتماعي.

رابعًا: الحالة الاجتماعية والأخلاقية:
كانت الحياة الاجتماعية في إيران تقوم على عمادين: النسب والملكية، فكان يفصل النبلاء عن الشعب حدود محكمة, وكان لكل فرد مرتبته ومكانه المحدد في الجماعة, وكان من قواعد السياسة الساسانية المحكمة ألا يطمع أحد في مرتبة أعلى من المرتبة التي يخولها له مولده.

وتقوم الأسرة على أساس تعدد الزوجات, وشاع بينهم الزواج بين المحارم, وكان وضع المرأة يشبه وضع الرقيق حيث بامكان الزوج أن يتنازل عنها لزوج آخر دون رضاها, كما شاعت عادة التبني للأولاد. وقد انتشرت الإباحية، وعم الفساد الخلقي والاجتماعي خاصة عندما انتشرت المزدكية التي دعا إليها مزدك.

وبالجملة: فإن أحوال العالم قبل الإسلام وصلت إلى حالة- من السوء والانحطاط – لا توصف، فأنزل الله دينه القويم، ورحمته للناس أجمعين، فهدى الله به من الضلالة، وبصَّر به من العمى، فمن قبله سعد في الدنيا والآخرة، ومن رده شقي في الدنيا والآخرة.

م/ن

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الارشيف الدراسي

تقرير / بحث / عن جامع قرطبه -تعليم الامارات

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

المقدمة
يعد المسجد الجامع بقرطبة من أروع ما خلفته الدولة الأموية من آثار بل هو يمثل مرحلة من مراحل النضح المعماري والفني للطراز العربي الإسلامي وذلك من حيث التخطيط وأساليب البناء وظهور عدة عناصر معمارية وزخرفية كان بعضها قد إلى الغرب الإسلامي من الشرق مع الجيوش الفاتحة …
وكان جامع قرطبة من الوجهة الفنية أروع أمثلة العمارة الإسلامية والمسيحية على السواء في العصر الوسيط ومن الوجهة العلمية أكبر جامعة إسلامية تدرس فيها العلوم الدينية واللغوية ويفد إليها طلاب المسلمين والعجم للدرس.والتحصيل العلمي……
ومن مظاهر إجلال المسلمين وتعظيمهم لهذا الجامع ما نعته به مؤرخو العرب فقد سماه عبد الواحد المراكشي بالجامع الأعظم …

تخطيط الجامع ومراحل التوسع:

بعد دخول عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس واستتب الآمر له في قرطبة نظر في أمر الجامع فسام النصارى بيع ما بقى بأيديهم من كنيستهم ليدخله فيه أوسع لهم البذل وفاء العهد الذي صولحوا عليه فأبوا بيع ما بأيديهم وسئلوا أن يباح لهم بناء كنيستهم التي هدمت بخارج المدينة وتعرف بشنت أجلح خارج الأسوار على أن يتخلوا للمسلمين عن هذا الشطر الذي طولبوا به فتم الأمر على ذلك 168- 169
ولقد بنائه في أواسط القرن الثامن الميلادي بأمر من عبد الرحمن الأول ثم أدخلت عليه سلسة من التحسينات والإضافات في عهد كل من عبد الرحمن الثاني والحكم الثاني والمنصور بن أبي عامر ..
ولقد بدأ تخطيطه على غرار المسجد النبوي بالمدينة المنورة في أول أمره أي كان مكوناًً من ظلة عميقة جهة القبلة ويتقدمها الصحن ويذكر ابن الدلائى أن مساحة المسجد ثلاثة وثلاثون ألفاً ومائة وخمسون ذراعاً فإن المساحة الصحن المسقوف 4868 متراً مربعاً أي ما يزيد على الفدان وإذا أضفنا إلى ذلك الفناء غير المسقوف وهو بقية صحن الجامع يحيط بها سوره كانت مساحته 12189 أي ثلاثة أفدنه ولقد بلغ ارتفاع صومعته ثلاثة وسبعين ذراعاً في عهد عبد الرحمن الناصر …
ولقد انتصبت ساحة كبيرة أمام مدخل المسجد مزروعة بالمئات من أشجار البلح والنار بج ولقد جاء المسقط الأفقي لهذا المسجد وضع أساس التصميم المبسط لمسجد سماراً وبعد نصف قرن تم تكبير المسجد وزيادة سعة الممرات ثم أضيفت زيادات أخرى للمرة الثانية في سنوات 961 – 965 ه وبعد عشرون عاماً أضفيت 8 ممرات أخرى للمسجد من الجهة الشرقية حيث تقرر عمل هذه الإضافات من الجهة الجنوبية لوجود جسر نهر بالمنطقة وتوضح لنا هذه المراحل المتعددة من الإضافات للمسجد المرونة التامة في تصميم المساجد الأفقية للمساجد التي جعلت من اليسير زيادة المسطحات دون الخروج عن النموذج الأصلي للمسجد
وكانت أهم زياداته في عصر الحكم الثاني عام 350 ه – 961 م حيث أضيفت له سبع بلاطات في الجهة الجنوبية لرواق القبلة …

المرحلة الأولى من التصميم في عهد عبد الرحمن الداخل :

يقولون أن المعماري نقله عن سقاية ماء رومانية قديمة في ماردة … وكانت الحلول الهندسية هذا الجامع والابتكارات المعمارية والزخرفية التي وصل إليها هو ومن جاءوا بعده تقرر دون ادني شك أن العرب كانوا اعظم مهندسي الدنيا حتى مطلع العصر الحديث …
فقد خطط القسم الأول من الجامع أولا .. ورسم الرسم .. وحسب حساب الارتفاعات ومقادير مادة البناء .. ثم بدا له – بعد أن وضع اساس الجدران – أن يمد المساحة قليلاً ناحية الجنوب .. وتصور في ذهنه هيئة البناء بعد التوسعة فلم تعجبه أحس أن الارتفاع لن يناسب المساحة , سيبدو السقف منخفضاً بعض الشيء ولم يكن ليستطيع أن يزيد في طول العمد فهي من الرخام وكانت قد أعدت وهيئت ..
لهذا خطر بباله أن يتم وضع الأعمدة ويعقد الأقواس بينها ثم يقيم أعمدة أخرى فوق الأعمدة الأولى ثم يعقد أقواسا ثانية وفوق هذه يقيم السقف …
ابتكار لا يخلو من جرأة واقل ما يتطلبه حساب دقيق لاحتمال الأعمدة الأولى ثم أوزان الأعمدة الثانية وأقواسها والسقف فوقها ولكنه معمارياً ممتازاً وحاسباً دقيقاً له ما أراد ..
والجامع الأول أو القسم الأول من الجامع بناه عبد الرحمن الداخل فيما بين 780- 786هـ, هذا الجامع هو الذي يدخل الناس إليه اليوم من الباب الرئيسي المعروف بباب النخيل كان مدخله الرئيسي أيام عبد الرحمن الباب المعروف اليوم بباب القديس اصطفان وهو أول الأبواب الثلاثة الكبرى التي تراها في واجهة الجامع الغربية الواقعة في الشارع المعروف اليوم باسم شارع توريخوس هذا الجامع يكون اليوم الربع الجنوبي من الجامع الحالي يبدأ من المدخل وينتهي عند العمود أو (القوس) الثالث عشر في اتجاه المحراب ويبدأ من الحائط الغربي على (يمينك وأنت داخل ) وينتهي إلى العمود إلحادي عشر في اتجاه الشرق إذا أفضيت من الباب الرئيسي الحالي وجدت نفسك في رواق من الأقواس المزدوجة عرضه 7.85امتار على يمينك خمسة صفوف من الأعمدة وعن يسارك خمسة أخرى
وكان المسجد نصفه مسقوفاً ونصفه الأخر لا يظله شئ والنصف المسقوف يتألف من تسع بلاطات عمودية على جدار القبلة تمتد على اثني عشر قوساً تقوم على عمد من الرخام …… ونلاحظ أن العقود السفلي مشرشرة وتشبه تيجان بعض الأعمدة مثيلاتها في العمارة القوطية وذلك لان اغلبها منقول من أماكن قديمة ويرى البعض أن تيجان الأعمدة ذات اصل الروماني من النوع الكورنثي المركب قد تطورت إلى أشكال تجريدية من ابتكار خيال المعماريين الأندلسيين
وكان يحيط بالفناء المكشوف من الجهة الشمالية أروقة ذات عقود ومن الجهة الجنوبية يوجد رواق القبلة الذي يضم 19بلاطة ويلاحظ أن عقوده متعاقدة مع جدار القبلة كما استبدل شكل العقد المستدير بعقد على هيئة حدوة الحصان ربما تكون فكريه مقتبسة من العمارة القوطية الغربية وهناك عقود ذات فصوص ثلاثة أو متعددة وكذلك ظاهرة العقود المتقاطعة والمتشابكة وكانت هذه العقود من لونين بالتبادل أحدهما فاتح والأخر داكن ……
ويواجه الداخل إلى المسجد غابة من الأعمدة حيث تقوده الممرات وترشده إلى القبلة وينيرها ضوء شاحب يتسلل من الصحن ومن شبكات الواجهات وتتسم العناصر المختلفة باتساق في المظهر الخارجي , وفي التركيب الداخلي يحدده تداخل العقود التي تقوم على عمد ودعائم مرتفعة في الفضاء تنتهي عند السقف في وضع أفقي..
وإذا تأملت الأعمدة نلاحظ أنها مختلفة في اللون والمادة بعضها رخامي ابيض وبعضها مرمري شفاف أو وردى أو اخضر وجميعها استخدمت من الكنائس الخربة في المسجد الجامع .. وقد أُورسيت دون أن تتخذ مستوى واحداً بحيث أن بعضها توارى بدرجات متفاوتة وأبدانها ملساء في مجمعها وان كان بعضها مزدانا بضلوع حلوزنية أو مستقيمة …
ويذكر ابن الدلائى أن عددها 1307 أعمدة …

المرحلة الثانية من التصميم في عهد عبد الرحمن الأوسط 339 هـ – 950 م

وبعد هذا القسم من الجامع مباشرة تجد الزيادة التي أضافها عبد الرحمن الأوسط وهى على نمط جامع عبد الرحمن الداخل تماما وتمتد إلى الجنوب سبعة أقواس تحملها ستة أعمدة ..
وإذا وقفت في الرواق في هذا القسم من الجامع وظهرك إلى الباب الذي دخلت منه رأيت اجمل منظر يمكن أن تقع عليه عين الداخل المسجد وإذا أمعنت النظر في أحد الأعمدة رأيت عجباً – كأعمدة القسم الأول ولن تحس أن بين بعضها وبعض فرقاً لا في السمك ولا في الهيئة وتيجان هذه الأعمدة من كل طراز وقد وضع المعماري على كل منها قاعدة ضيقة من السفل واسعة من أعلى … وبذلك حصل على سطح أوسع ليضع عليه عموداً ثانياً من الحجر ..
ومن جانبي هذه القاعدة اخرج المعماري الأقواس الأولى يستدير كل منها ويستقر على راس العمود المجاور

المرحلة الثالثة من التصميم في عهد الحكم المستنصر 350 هـ :

ولكن عجيبة هذا المسجد الكبرى ميزته التي جعلته فريدا في طرازه حقاً هي الزيادة التي أضافها إليها الحكم المستنصر ثامن أمراء البيت الأموي الأندلسي والثاني من خلفائه وقد تمت بين سنتي 961 – 966 م بإشراف علم من أعلام الفكر الأندلسي هو الزيادة الجديدة أضيفت في جنوب الجامع أي في اتجاه نهر الوادي الكبير – في نفس اتجاه زيادة عبد الرحمن الأوسط بهذه الزيادة وصل الجامع إلى ضفة النهر …

الإنشاء:
كان السقف يرتكز على 18 باكية تتكون من دورين من العقود فوق بعضها ويصل العقد الأسفل بالعقد الأعلى زوج من الأعمدة الصغيرة تركز على الأعمدة السفلية وبين العمد الرخامية على أعلى رؤوسها عقود أقواس متجاورة نصف دائرية تقوم مقام الأوتار الخشبية وظيفتها ربط الأعمدة أقيمت فوقها عقود مثلها تحمل السقف وتزيد في الوقت نفسه من ارتفاع السقف وتستند هذه العقود العليا على دعائم من الحجر تتكئ بدورها على كوابيل مؤلفة من 3 أو 4 فصوص متراكبة الواحد فوق الأخر وجميع العقود العليا ملونة باللون الأصفر الشاحب والسفلي باللون الأحمر وقد كانت الأعمدة تتألف من تاج بدون قاعدة من الرخام
حيث أقام المعمــــــــاري العمود الثاني فــوق الأول فقد وضع فوق تاج العمود الأول قاعدة صغـــيرة من الحجر وفوق هذه قاعدتين أوسع حتى حصل على اتساع كاف أقام فوقه العمود الثاني وفرع في نفس الوقت أربعة أقواس وعند نهاية العمود الثاني فرع الأقواس الثانية موازية للأولى أقام عليها السقف وابيكرشيئاً ثانياً زاد في جمال هذه الأقواس المزدوجة عملها بالحجارة والطوب الأحمر طوبة من هذا وطوبة من ذاك فبدت الأقواس في الهيئة المزخرفة الجميلة التي نراها عليها الآن ولقد جمعت هذه الأعمدة من كل مكان في أسبانيا بل آلتي ببعضها من إيطاليا والمغرب ……
ولقد ظهر ابتكار جديد في هندسة القبة وهى من المبتكرات المعمارية و البنائية في المغرب الإسلامي والتي تتصف بالروعة والطرافة فكرة عمل قبة من مغطاة بقشرة خارجية من جمالون من الخشب المغطى بالقرميد ولقد شيدت من أقواس أو عقود رفيعة نسميها (( بالقنانات )) اشتقاقاً من القنا وهو عصا الرمح , وشيدت تلك القنانات من الحجل الرمح البعض فتنتج أشكالا من حشوات هندسية تملا بالزخارف ووضعت في قمة تلاقي تلك القنانات قبية ذات قنوات إشعاعية مجوفة ما يسمى بالشمسيات ……
وتقوم قباب الجامع على هياكل من عقود بارزة فهي تؤلف نجوماً يتوسطها قباب صغيرة مفصصة ,, ومما لاشك فيه نرى أن هذه القباب أوحت إلى ابتكار القبوات القوطية – ويرجى أن بنظر المسقط الافقى للجامع والرسومات الموضحة ……

الزخرفة:
أن المسجد بما يحتويه من الزخرف كثيرة ورائعة في الجمال إلا أننا لا نستطيع إلا ذكر أهم تلك الزخارف ذلك لان وصفها وشرحها يحتاج إلى مجموعة من الكتب لحصرها ووقت كافي لذلك واهم صفات المسجد الزخرفية هي تكمن في الزخارف التي على الجدران والقباب والمصنوعة من الجس وأخرى محفورة على الجدران الحجرية ويمتاز المحراب بزخرفة خاصة من الفسيفساء والآيات القرآنية التي سوف نشرحها في قسم لاحق إنشاء الله , أما القباب شيدت من سموات خشبية كل منها تختلف عن الأخرى وكذلك من القناتات التي ذكرنها سابقاً والتي نتج عنها حشوات هندسية الزخرفية التي ليست لها مثيل ويوجد تحتها ازار من الخشب المنقوش عليه آيات قرآنية كذلك استخدم الزجاج اللازوردي للتزين في المسجد , الشرفات أحد أهم العناصر الزخرفية القوية في المسجد إما تكونه من أشكال مثلثة مدرجة كأسنان المنشار في الجزء المسقوف من الجامع ولا ننسى التيجان المختلفة الأشكال في أرجاء الجامع والتي تحتوى على صور أوراق نباتات كثيرة بين الرسوم الهندسية ومن تلك الأوراق شوكة اليهود وبعضها الأخر على شكل ناقوس يزينها أوراق الزنبق وتذكر من يراها بزهرة اللوتس المصرية وأيضا الكوابيل المزخرفة والمركب عليها مقومات الأقواس وأما الجمال العام فكان لونين الأخضر والأحمر اللذان كان على جميع العقود في الجامع هذا قطرة من بحر زخرفة هذا الجامع الجليل …

المحراب :
على أن اجمل ما في المسجد هو المحراب إذ أقيمت على واجهته سبعة عقود ثلاثية الفصوص , مزججة دقيقة التكوين والزخرفة يعلوها إفريزان بين بحرين من الفسيفساء المذهب على ارض الزجاج اللازوردي وتحت هذه العقود إفريزان آخران وعلى رأسه رخامة مشبوكة محفورة منمقة تشبه القوقعة المقلوبة ونقُش المحراب من الداخل والخارج بالتوريقات , وزينت عضاداتة بلوحات رخامية حفرت فيها زخارف نباتية وتوريقات حفر غائر …….واليك قراءة هذه الكتابات ,
كتابة الإطار الخارجي لواجهة المحراب تبدأ من السطر الأول من اليمين من اسفل وتصعد ثم تسير من اليمين إلى اليسار ثم تنحدر إلى اسفل اليسار وكذلك السطر الثاني ,, الكلمات الأربعة الأولى من السطر ليست شيئاً مفهوماً أنها تقليد لهيئة الكتابة العربية لان الذين رمموا المسجد سنة 1816 م وجدوا أن الكتابة والزخرفة سقطتا من هذا الجزء فأكملوه بتقليد هيئات الحروف العربية حتى لا يبقى فراغاً وبعد ذلك تقرا الآية السادسة من سورة السجد … (( ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم )) …… ثم الآية 65 من سورة غافر وبقية السطر موفق المستنصر بالله عبد الله الحكم أمير المؤمنين أصلحه الله ثم تستمر الكتابة من أعلى إلى اسفل وبقية مطموسة …..
وعند قاعدتى القوس ( العقد ) على اليمين واليسار كابتان تتألف كل منهما من ثلاثة سطور ..
ونقوش الواجهة وكتاباتها محلاة بالفسيفساء , وهى المعروفة في اللغات الأوربية باسم موزايك أو موازيكو …… يصنعونها بان يقطعوا الحجر مكعبات صغيرة ضلع الواحد منها سنتيمتر أو اقل ثم يغمسوها في الألوان ازرق واحمر وذهبي واخضر ورمادي ووردي …… ويرسمون الرسم الذي يريدون على الموضع المراد رسماً خفيفاً بالفحم ثم يلصقون قطع الفسيفساء على خطوط الرسم وخلاله فتكتمل الصورة بهذه القطع … والألوان الغالبة عليها الأزرق العربي وهو ذلك الأزرق الصافي المتوسط العمق , وهو مشهور في عالم الألوان باسمهم ( بلوداربى) ثم الذهبي والأحمر …
ونفضي إلى داخل المحراب انه مقصورة صغيرة ذات أضلاع جدرانها مبطنة من اسفل بالرخام الأبيض ثم يلي ذلك عقود زخرفية صماء ثم إفريز محلى بالكتابة , يليه إفريز زخرفي صغير …
وفوق هذا أقام المعماري المبدع سقف المحراب جعله من قطعة واحدة من الحجر, هيأها على صورة المحارة مقمسة إلى فصوص زخرفية … والإفريز المكتوب يضم نص الآيتين 102- 103 من سورة آل عمران …
وكان المنبر عود مؤلف من الصندل الأحمر والأصفر والانبوس والمرجان واوصاله من فضة مثبتة

المئذنة:

أن تصميم المئذنة كان وثيق الصلة بتصميم مئذنة جامع القيروان والتي انبثق عنها تصميم مآذن الغرب الإسلامي كله والمئذنة التي ذُكر أنها شيدت لأول مرة بعد إتمام بناء المسجد الأول واغلب الظن كانت تحتل مكاناً إلى اليمين الذي وضع على محور المحراب وفي جدار الصحن المقابل القبلة ثم أعيد بناء مئذنة أخرى عند توسيع المسجد في نهاية القرن العاشر في عهد المنصور بن أبى عامر وكانت تحتل نفس المكان الأول والذي يشغله الآن برج الأجراس الحالي والذي شيد بعد تحويل المسجد إلى كنيسة بعد خروج الإسلام من الأندلس على يد الفرنجة المسيحيين …

تحويل المسجد إلى كنيسة :

عندما سقطت قرطبة في أيدي الفرنجة توقفت الصلاة في هذا المسجد العظيم ثم تقدم الفرنجة فأقاموا كنيسة في جزء منه وهذا الجزء يمثل حوالي عشر المساحة العظيمة التي يشغلها ولا يزال المسجد بجلالة وعظمته يطغى على ما في هذه الكنيسة من فن وزخارف فمن المعروف أن الفن المسيحي لا يتعدى صورا خرافية لملائكة تنشر أجنحتها ,وفتاة تمثل السيدة العذراء مع صورة طفل يمثل السيد المسيح وبحلول الذهب أن يغطى هذه الكائنات ولكن روعة الفن الإسلامي اجمل واعظم تأثيرا في نفوس المشاهدين

التغيرات التي جدت على المسجد الجامع :

وتعرض المسجد منذ القرن الخامس عشر للتشويه والتبديل منها :
1- ففي سنة 1371 م أقام ملك قشتالة دون انريك الثاني المصلى الملكي المعروف بمصلى سان فرتدو بجوار قبة الضوء وغطيت جدرانه بزخارف من عمل المدجنين محفورة في الجص .
2- وفي سنة 1489 م هدم الأسقف انييجو مانريكى العقود والأعمدة في البلاطات الخمسة الممتدة طولاً من مصلى فيلافسيوسا إلى جدار الجامع الغربي ..
3- وفي سنة 1523 م شرع الأسقف دون الونسوما مانريك في هدم جزء كبير من زيادة عبد الرحمن الأوسط والمنصور ليقيم كاتدرائية في قلب الجامع ولكن المجلس البلدي بقرطبة ونفرا من أعيان المدينة أنكروا ذلك ولم يرضوا به وعرض الأمر على شارلكان فوافق على هدم ما يلزم لبناء الكنيسة ولم يكن قد رأى الجامع فلما مر بقرطبة في سنة 1524 م بمناسبة زواجه في اشبيلة بدنيا ايزابيلا البرتغالية ورأى الجامع راعه ما رأى من حلال الفن وعظمة البنيان ثم توجه بالحديث إلى خراى خوان أسقف طليطلة وإلى أعضاء المجلس الكنسي وقال كلمته المشهورة : (( لو كنت قد علمت ما وصل إليه ذلك لما كنت قد سمحت بأن يمس البناء القديم لان ما بنيتموه موجود في كل مكان وما هدمتموه فريد في العالم ))

الصلاة من جديد في مسجد قرطبة :

خلال المؤتمر الإسلامي المسيحي الذي عقد بقرطبة تمت اتصالات ليقيم المسلمون شعائر صلاة الجمعة بهذا المسجد العظيم وقد نجحت هذه الاتصالات فسمحت السلطات الأسبانية للمسلمين أن يقيموا بهذا المسجد شعائر صلاة الجمعة يوم الثالث عشر من سبتمبر سنة 1973 م وعندما أذيع هذا الاتفاق توافد على قرطبة عدد من الطائرات من المغرب تحمل مجموعة من المسلمين الذين وفدوا لأداء الصلاة في هذا المسجد بهذه المناسبة التاريخية العظيمة كما حضر إلى قرطبة سفراء الدول الإسلامية بأسبانيا وكان موفقاً عاطفياً أن تؤدى الصلاة من جديد في هذا المسجد بعد أن توقفت به الصلاة حوالي ثمانية قرون ……

ما قيال عن المسجد :

في سنة 1765 م قرطبة سفير مغربي هو أحمد بن المهدي الغزال ليتحدث في تنظيم تبادل الأسرى بين المغرب وأسبانيا أن الحرب بين البلدين لم تسكن إلا بعد معاهدة استقلال المغرب في مطالع سنة 1956 م أطال السفير الوقوف بمسجد قرطبة الجامع ثم كتب بعد ذلك كتاباً لطيفاً عن رحلته اختص فيه المسجد ببضع صفحات وصف فيها الشعور الذي ملأ نفسه وهو بين يدي هذا الأثر العربي الجليل قال : (( وقد تخيل الفكر أن حيطان المسجد وسواريه تسلم وتهش إلينا من شدة ما وجدنا من الأسف حتى صرنا نخاطب الجمادات ونعانق كل سارية ونقبل سواري المسجد وجدرانه …………… ))
ويقول عنه الحميري انه الجامع (( المشهور أمره , الشائع ذكره مناجل مصانع الدنيا كبر مساحة , وإحكام صنعة وجمال هيئة وإتقان بنية تهمم به الخلفاء المروانيون فزادوا فيه زيادة بعد زيادة , وتتميما اثر تتميم حتى بلغ الغاية في الإتقان فصار يحار فيه الطرف ويعجز عن حسنه الوصف فليس في مساجد المسلمين تنميقاً وطولاً وعرضاً ))
ويقول عنه الشريف الادريسي في كتابه (( نزهة المشتاق في اختراق الآفاق )) (( وفيها المسجد الجامع الذي ليس بمساجد المسلمين مثله بنية وتنميقاً وطولاً وعرضاً ))
ولما شاور الخليفة الحكم المستنصر العلماء في رغبته في تصحيح اتجاه القبلة نحو الشرق عندما شرع في النظر زيادته الكبرى بالجامع كما فعل أبوه النصر في قبلة جامع الزهراء قال له الفقيه أبو إبراهيم (( يا أمير المؤمنين , انه قد صلى إلى هذه القبلة خيار هذه الأمة من أجدادك الأئمة , وصلحاء المسلمين وعلمائهم منذ افتتحت الأندلس إلى هذا الوقت , متأسين بأول من نصبها من التابعين كموسى بن نصير وحنش الصنعاني وأمثالهم رحمهم الله تعالى , وإنما فضل من فضل بالاتباع وهلك من هلك بالابتداع فأخذ الخليفة برأيه وقال : نعم ما قلت ! وإنما مذهبنا الاتباع …
الخاتمة

هكذا اصبح يضرب بهذا المسجد الجامع المثل في العظمة والاتساع وفي كثرة الزخارف والجمال وقد بالغ مؤرخو العرب في المغرب والأندلس في وصفهم له فصوروه تصويراً اقرب إلى الخيال , واختصوه بعنايتهم وعظموه أجلوه , وكتبوا في تاريخه ووصفه فصولاً طوالاً …… تعد من أهم المصادر غن هذا الأثر الخالد الجليل

م/ن

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الارشيف الدراسي

تقرير / بحث / عن الدوله الحمدانيه -تعليم الامارات

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

المقدمــــــة

تعتبر الدولة الحمدانية أول حكم لقبائل ربيعة في العهد الإسلامي والذي استغل فترة الضعف التي مرت على الدولة العباسي بعد وفاة الخليفة المتوكل في فترة انحلال عرى الروابط بين الأمصار الإسلامية ، وضعف الخلفاء العباسيين الذي تولوا بعد المتوكل وعدم مقدرتهم على تشديد الحكم المركزي على إمبراطورية واسعة الأرجاء ، فضلا عن قيام الجيش – الذي اغلب عناصره من الترك – بالسيطرة الكاملة على قصر الحكم في بغداد إلى درجة خلع الخلفاء ، وفي هذا المبحث نتحدث عن الدولة الحمدانية وتاريخها وكيف نشأت وعلاقة قبائل عنزة الوالية الحالية بهذه الدولة قبل هجرة قبائل ربيعة تحت مسمى عنزة الوالية من العراق إلى الحجاز .

الموضوع:

قبيلة ربيعة في العهد العباسي الثاني ( 260هـ – 656هـ(

ذكرنا سابقا في موضوع ( تاريخ تغلب في الجزء الثاني ) أن قبائل ربيعة تلك الحقبة قد هاجرت من نجد تحت ضغوط قبائل قيس عيلان الذين استولوا على اليمامة أواخر العهد الأموي وكذلك استولوا على البحرين ( شرق جزيرة العرب ) وأصبحت بطونهم تتوزع في جزيرة العرب من المدينة المنورة وخيبر ( حيث تقطن غطفان وبني هلال تلك الحقبة ) إلى اليمامة حيث بني نمير وبني كلاب ، وزاد قوة قبائل قيس عيلان بظهور قوة القرامطة حيث التفت قبائل قيس على القرامطة وأثاروا الرعب في جزيرة العرب لعدة عقود منذ سنة 280هـ
أما قبائل ربيعة من بكر وتغلب ومن ينضوي فيهم مثل عنزة والنمر وضبيعة وحنيفة فكانوا في الديار التي عرفت باسمهم ( ديار ربيعة ) ومركز ديارهم الموصل وديار بكر ، ومع تقادم العهد والبعد الزمني عن ظلال حرب البسوس كانت قبائل ربيعة تقترب لبعضها شيئا فشيئاً في تلك الفترة، إلى أن أصبحت المنافسات بينهم على رئاسة القبيلة ( قبيلة ربيعة ) ولم احد مصدرا يذكر من شيخ قبائل بكر ( الداخلة فيها قبيلة عنزة تلك الحقبة ) لكن يبدو لي أن رئاسة بكر تحولت تلك الفترة إلى عنزة استناد إلى حادثة الزابيين بين عنزة والازد والتي قادها برهومة العنزي في ديار ربيعة سنة 253هـ .
كانت المنافسة بين شخصيات قبيلة ربيعة وخاصة بكر وتغلب على أمرين : الأول هو حكم الموصل باعتباره مركز ديار ربيعة وحاضرتها.. والثاني هو رئاسة قبائل ربيعة ، ومن ابرز الشخصيات الربعية المتنافسة على حكم الموصل تلك الفترة :
1- حمدان بن حمدون ألتغلبي ألربعي وهو الذي تنسب إليه الدولة الحمدانية التي هي موضوعنا .
2- محمد بن خالد الشيباني وهو الذي عينته الدولة العباسية على الموصل فحاول توحيد قبائل ربيعة فقاتل ضد بني تغلب إلا انه هزم سنة 251هـ وتولى رئاسة بكر بعده برهومه العنزي صاحب فتنة الزابيين التي أشرنا إليها.
3- الهيثم بن عبد الله ألتغلبي ، جمع جموعا من ربيعة سنة 261هـ وحاول أن يحكم الموصل إلا أن حمدان بن حمدون تصدى له بمن معه من قبائل ربيعة واستولى حمدان على الموصل سنة 271هـ لتبد أول مراحل تأسيس الدولة الحمدانية أول دولة ربعيه في تاريخ الإسلام .

حمدان بن حمدون وتأسيس الدولة الحمدانية

من قلب البادية وفي ديار ربيعة برز عدة أسماء لعدد من الفرسان من أبرزهم حمدان بن حمدون الطامح لرئاسة وحكم ديار ربيعة ، وأول إشارة في التاريخ لحمدان بن حمدون كانت سنة 271هـ عندما بلغ الخبر في بغداد عن دخوله الموصل بقبائله ومعه شخص اسمه هارون الشاري البكري كما أشار المؤرخ الطبري في تاريخه عن تلك السنة ، واستطاع حمدان بن حمدون أن يوحد قبائل ربيعة على إمارته وأن يستقل عن الدولة العباسية حتى جاءت سنة 281هـ .
ففي تلك السنة قام الخليفة العباسي المعتضد بتسيير حملة عسكرية على حمدان بن حمدون فنجح في إلقاء القبض عليه ووضعه في السجن وتم بذلك إعادة الموصل للحكم العباسي المباشر ، إلا أن هارون الشاري ( شريك حمدان في الاستيلاء الموصل ومساعده ) افلت من قبضة العباسيين واستمر على مناوئته للدولة العباسية.
إطلاق سراح حمدان بن حمدون من السجن

كان لحمدان بن حمدون عدة أبناء ومن أبرزهم :
1- الحسين بن حمدان
2- أبو الهيجاء واسمه عبد الله بن حمدان وهو المؤسس الحقيقي للدولة الحمدانية وأبو الشاعر العربي المعروف ( سيف الدولة ) وسنتحدث عنه فيما بعد .
كان الحسين بن حمدان قد عرض على السلطات العباسية قدرته على التصدي لثورة هارون الشاري ( شريك والده السابق ) مقابل عدة شروط تؤديها الدولة العباسية له ولقبيلته ومن ابرز هذه الشروط إطلاق سراح أبيه حمدان وإزالة الإتاوات عن قبائل ربيعة واختيار خمس مئة فارس منهم مقربين للسلطة .
وبالفعل نجح الحسين في حملته على هارون الشاري وقبض عليه سنة 283هـ وسلمه للخليفة المعتضد الذي نفذ شروط الحسين فورا وأصبحت قبائل ربيعة الذراع الأساسي للعباسيين في محاربة أعدائهم تلك الحقبة وهم القرامطة في نجد والطولونيين في مصر والشام وبني تميم وبني أسد في ديار مضر المجاورة لديار ربيعة واستلم الحسين ولاية الموصل وديار ربيعة ، بينما بقي أخوه أبو الهيجاء وأبيه حمدان مقيمين في بغداد مقربين أيما تقريب لمقام الخلافة .
كان ابرز عدو للدولة العباسية في تلك الفترة هم بني طولون الأتراك المستقلين بحكم مصر والشام وتتبعهم قبائل جذام ولخم القوية ، فسار الخليفة العباسي ومعه قبائل ربيعة بقيادة الحسين بن حمدان إلى الرقة حيث كانت الدولة الطولونية تمتد وتمكن من هزيمتهم سنة 292هـ وواصل الخليفة العباسي تقدمه إلى حمص ومن ثم إلى مصر حتى استأصل الدولة الطولونية من جذورها وأعاد مصر إلى الحكم ، وزادت هذه الأحداث من مكانة بني حمدان وقبائل ربيعة عند العباسين مما جعل المكتفي يعقد ولاية الموصل وديار ربيعة لعبد الله بن حمدان ( أبو الهيجاء ) الابن الثاني لحمدان بن حمدون ومؤسس الدولة الحمدانية .

ولاية أبو الهيجاء للموصل

عندما تولى أبو الهيجاء حكم الموصل وديار ربيعة استطاع في بداية حكمه إن يخمد ثورة عنيفة للأكراد سنة 293هـ ، وقد خدمته هذه الثورة لدى السلطات العباسية وأتاحت له إن يكون أكثر ثقة لديهم ، وان يوسع بذلك مناطق حكمه ونفوذه وصلاحياته وبالتالي يضع البذور الأولى لولادة الدولة الحمدانية.
لكن أبي الهيجاء استعجل على ما يبدوا في الاستقلال عن الدولة العباسية ذاتها زمن الخليفة المقتدر سنة 301هـ ، ووجه له المقتدر جيشاً بقيادة قائد تركي ( مؤنس الخادم ) مما جعل أبي الهيجاء يعتذر للمقتدر ويقبل الأخير اعتذاره ، ثم قام الحسين بن حمدان ( اخو أبي الهيجاء ) بمحاولة استقلال بديار ربيعة سنة 303هـ وانتهت إلى الفشل وأسر الحسين وحبس المقتدر على اثر ذلك أخوه أبو الهيجاء وأولاده ، وهذه أول مراحل تأسيس الدولة الحمدانية وهي التخلص من التبعية للحكم في بغداد .
لكن المقتدر أطلق بعد ذلك سراح بني حمدان وأعادهم إلى الموصل ، غير أن أبو الهيجاء قتل مع الخليفة المقتدر من قبل الجيش سنة 317هـ وقام العسكر بتنصيب القاهر بدلا من المقتدر ، واستمر أبناء أبي الهيجاء الحمدانيون أمراء على ربيعة في الموصل مع بقائهم خاضعين للنفوذ العباسي الذي كان بدوره خاضعا للجيش .
تغير الأمور لصالح الحمدانيين

لكن الأمور تغير لصالح الحمدانيين حين دخل البريد يون بغداد سنة 330هـ ، فاضطر الخليفة العباسي المتقي أن يلتمس لنفسه مكاناً للنجاة، فلم يجد خيراً من الموصل حيث الأمير الحمداني القوي الحسن ابن أبو الهيجاء و الشقيق الأكبر لعلي ( الذي سمي فيما بعد سيف الدولة ) ، القادر على حمايته و إعادة عرشه إليه، فيمم وجهه شطر الموصل ، و برفقته أمير الأمراء أبو بكر محمد بن رائق، و لما كان الأمير الحمداني طموحاً، نزاعاً إلى توطيد ملك لقبيلته، نهازاً للفرص..
لم يشأ الأمير الحمداني الحسن أن يضيع وقتاً فاصطحب الخليفة .. و سار على رأس جيش كبير معقوداً لواءه على أخيه الأصغر علي، و ما كاد الركب يصل بغداد ، حتى نجا البريد يون بأنفسهم، و فروا أمام الجيش الحمداني الذي يتكون من قبائل ربيعة القوية الضاربة حول الموصل في تلك الفترة وتمتد منها حتى عين التمر قرب كربلاء.
وتعتبر هذه الحادثة نقطة تحول في تاريخ بني حمدان بل وتاريخ النفوذ العربي في قصر الخلافة العباسي بعد عقود طويلة من سيطرة الفرس والأتراك ، فلقب الحسن بن حمدان بـ ( ناصر الدولة ) ولقب أخيه علي بـ ( سيف الدولة ) وتولى ناصر الدولة منصب أمير الأمراء وهو من المناصب المستحدثة في العهد العباسي الثاني ولم يتول هذا المنصب عربي قط قبل ناصر الدولة هذا ، ونحن سنتحدث الآن عن الأميرين ( ناصر الدولة ) أمير الموصل و( سيف الدولة ) الذي أصبح أمير حلب ، مبتدئين الحديث عن سيف الدولة وعاصمته حلب لأنه كان الأشهر ثم ننتقل للحديث عن ناصر الدولة وإمارة الموصل.
سيف الدولة الحمداني

وهو الذي تولى كما قلنا منصب أمير الأمراء في بغداد بعد حادثة البريديين ، ومولده في ديار قومه ربيعة سنة 303هـ ، ويعتبر من فرسان ربيعة المشاهير وله قصيدة شعرية يمكن اعتبارها أول ملحمة ربعيه في الإسلام ومما جاء فيها عن عنزة :
فأما شعيب فالتخصيص بفضله=هم العنزيون الكرام البوادي
يشير إلى الحديث المنسوب للرسول صلى الله عليه وسلم عن عنزة:
" مرحبا بقوم شعيب وأختان موسى " والحديث ضعيف بهذه الصيغة وصيغته القوية هي التي رواها الألباني وتخلوا من اسم موسى وشعيب لكن الشاهد أن سيف الدولة ذكر عنزة .
ازداد نفوذ سيف الدولة في البلاط العباسي ليس لأنه أمير الأمراء فحسب بل إن هناك أحداث مهمة وقعت تلك الفترة ومن أبرزها :
الخلاف الذي نشا بين القرامطة وحلفائهم الفاطميين الذي كانت دولتهم في بدايتها في تونس وقبل إن تنتقل لمصر ، هذا الخلاف انتهى بتفوق الفاطميين وتمكنوا من استمالة قبائل قيس عيلان الضاربة في نجد والحجاز والتي كانت موالية للقرامطة ، فانحاز بنو غطفان وبنو هلال إلى الفاطميين وتركوا مواطنهم في الحجاز ( خيبر وفدك ) ورحلوا للفاطميين في افريقية ، بينما هاجرت جموع من نمير وعقيل وكلاب إلى الشام قادمة من نجد ، وبقي جمع من بني عقيل بن عامر وخفاجة والمتفق وبني كعب مع القرامطة في الإحساء ومع الاخيضريين في اليمامة .
كذلك من ابرز الأحداث في تلك الفترة قيام الإخشيد ( والي مصر ) بالاستقلال بها عن بغداد ، ومن ثم استغل الإخشيد قبائل قيس المهاجرة من نجد واستمالها إلى صفه واستطاع ضم الشام لدولته وعين أبي الفتح احد شيوخ بني كلاب بن عامر ولاية حلب التي كانت تعد من أهم مدن الشام .
وسط هذه الأحداث كان سيف الدولة يتطلع إلى توسيع نفوذه إلى الشام منطلقا من ديار ربيعة في العراق ، وواتته الفرصة عندما جاء إليه وفد من قبيلة بني كلاب يشكونه حكم أبي الفتح ألكلابي المعين من قبل الإخشيد .
سيف الدولة يستولي على حلب والشام

لازلنا في سنة 333هـ ، السنة التي سار فيها سيف الدولة إلى الشام لتخليصها من نفوذ الإخشيد ومني واليه من بني كلاب بن عامر واستطاع دخول حلب بغير حرب وهزيمة قوات الإخشيد في حمص والتي كان يقودها ( كافور وهو عبد الإخشيد ) ، وبسط سيف الدولة سلطته على دمشق ومن ثم على الشام كله حتى بلغت الأخبار الإخشيد في مصر فقرر الانتقام من سيف الدولة واستعادة الشام منه .
سار الإخشيد من مصر على رأس جيش كبير ووصل الشام وتقابل مع سيف الدولة في قنسرين وهزم سيف الدولة بتلك الحرب وانكف سيف الدولة إلى بلدة الرقة ، بينما قام الإخشيد بتخريب مدينة حلب وتقطيع بساتينها انتقاما من أهلها لميلهم لسيف الدولة .
ومع دخول سنة 334هـ انتهت الحرب بين الطرفين ( الحمداني والإخشيدي ) انتهت بالصلح بين الطرفين على أن تدخل حلب وحمص فقط إلى حوزة سيف الدولة ، بينما تبقى دمشق وإعمالها لصالح الإخشيد في مصر ، وتوجت العلاقة بين الدولتين بزواج سيف الدولة من فاطمة ابنة أخ الإخشيد .
عودة التوتر بين الطرفين

يقول العرب في أمثالهم ( دوام الحال من المحال ) وهذا ما حدث بالفعل في العلاقات الحمدانية الإخشيدية ، ذلك أن الإخشيد الذي جرى الصلح مع الحمدانيين في عهده قد توفي في السنة ذاتها 334هـ واستولى عبده المسمى كافور على الحكم بعد أن كان وصياً على أبناء الإخشيد .
أتاحت وفاة الإخشيد الفرصة لسيف الدولة أن يسير إلى دمشق التي تنازل عنها بموجب الصلح قبل وفاة الإخشيد ، وخاصة إن أوضاع دمشق الأمنية كانت قد تدهورت بعد أن اخلي كافور العبد جميع عساكرها ليدعم نفسه في حكم مصر ، لكن أهل دمشق لم يرضوا بحكم سيف الدولة وطلبوا العون من كافور سنة 336هـ فاستعادها كافور واخرج منها سيف الدولة ، ومن ثم اجبر كافور سيف الدولة على إنفاذ الاتفاق السابق قبل وفاة الإخشيد وهكذا كان اقتصر حكم سيف الدولة في الشام على حلب بينما كان اخو ناصر الدولة لازال قائماً على ديار ربيعة في العراق ومركزها الموصل .
وبدلاً من توسيع نفوذه على غير حلب قرر سيف الدولة الاتجاه للاستقرار والعناية ببلاطه وعاصمته حلب ، فجعل منها مقصدا للأدباء والشعراء والعلماء الذين لازال لهم ذكر واسم حتى يومنا هذا وفي طليعتهم (أبو الفرج الأصفهاني) صاحب كتاب (الأغاني) الذي أهداه إلى سيف الدولة، فكافأه بألف دينار وقليل من الناس اليوم من لا يعرف هذا الكتاب ، وظهر أيضاً بعض الجغرافيين، مثل (ابن حوقل الموصلي) صاحب كتاب (المسالك والممالك) ، أما في مجال العلوم العربية، فقد ظهر عدد من علماء اللغة المعروفين، مثل (ابن خالويه)، و(أبو الفتوح بن جني)، و(أبو علي الحسين بن أحمد الفارسي) و(عبد الواحد بن علي الحلبي) المعروف بأبي الطيب اللغوي .
أما من الشعراء الناشئين في ظل الدولة الحمدانية فلا نعتقد إن أحدا اليوم لم يسمع بالشاعر ( أبي فراس الحمداني ) وهو ابن عم سيف الدولة وشاعر بلاطه وقد عينه سيف الدولة أميرا على بلدة ( منبج ) وله غزوات وغارات معروفة ، كذلك من شعرا تلك الفترة شاعر الحماسة المعروف أبو الطيب المتنبي الذي امتدح عددا من وقاعات سيف الدولة مع الروم .
غزوات سيف الدولة لبلاد الروم بلاد الروم في ذلك الوقت هي ما تعرف اليوم بـ ( تركيا ) أو ( آسيا الصغرى ) وكان سيف الدولة بعد أن ترك أخوه ناصر الدولة في ديار ربيعة وتولى حلب قد قام بتنفيذ عدة غزوات لبلاد الروم نجح خلالها في حماية الثغور العربية الشمالية ، وقد قام الروم بمحاولة انتقامية سنة 343هـ فهزمهم سيف الدولة هزيمة قاسية زادت من تألقه وشهرته عند المسلمين في تلك الفترة ، وقد اضطر حاكم الروم في تلك الفترة إلى الترهب ( الاعتكاف في الكنيسة ) فقال الشاعر المتنبي يمدح سيف الدولة في قصيدة مشهورة لازال تردد حتى يومنا هذا:
على قدر أهل العزم تأت العزائم=وتأتي على قدر الكرام المكارم
إلى أن قال :
تشرفت عدنان به لربيعة=وتفتخر الدنيا به لا العواصم
وتذكر المصادر التاريخية أن عدد غزوات سيف الدولة للروم بلغت أكثر من أربعين غزوة ، وازدادت قوة سيف الدولة واعتبرت إمارته حلب هي الدولة الحمدانية الربيعية وخاصة أن قبائل ربيعة التفت حوله وفيها قال ملحمته الشعرية والتي ذكر فيها عنزة وبكر وتغلب وعدد مفاخرهم القديمة ، وكان هذا عاملا لأن تنجد الصراعات بين قبائل ربيعة وأعدائهم التقليدين قبائل قيس عيلان وبطونهم ( نمير وعقيل وكعب وغيرهم )
صراعات ربيعة وقيس عيلان مجددا في العهد العباسي الثاني

تمكن سيف الدولة من توحيد قبائل ربيعة ، بكريها وتغلبيها وما ضمت من بطون قبل أن يعم عليها اسم عنزة الوالية الحالية بعد مرحلة طويلة من انهيار الدولة الحمدانية حيث انتقلت ربيعة باسم عنزة الوالية من ديارها في العراق للحجاز ونجد زمن المماليك .
ولكن الصراعات الربيعية القيسية في هذه المرحلة من تاريخ العرب كانت لصالح قبائل ربيعة وقائدها سيف الدولة ، فبعكس الصراع الذي اندلع في العهد الأموي حيث كانت قبائل ربيعة لازال منفصلة إلى قطبيها بكر وتغلب ، فضلا أن ظلال حرب البسوس كان قريبا من ذاكرة ذلك الجيل ألربعي .
لكن الوضع زمن الدولة الحمدانية اختلف جذريا ، فقبائل ربيعة الآن في ظل إمارتين قويتين واحدة في الموصل ( ناصر الدولة ) والأخرى في حلب ( سيف الدولة) ، وتدعم الأمارتين جنود كلهم من قبائل ربيعة الشديدة الشكيمة والتي واجهت قبائل قيس التي تريد التوسع لحساب القرامطة في تلك الفترة ومعهم قبائل طيء التي بدأ نجمها في الصعود تلك الفترة
وفي تلك الفترة صور كل من الشاعرين ( المتنبي ) و ( أبو فراس الحمداني ) بطولات سيف الدولة وقبيلته ( ربيعة ) ضد القيسيين ، وهذا سيف الدولة يصف تلاحم ربيعة وأقطابها على العزوة الوائلية والتي لازال عزوة قبائل عنزة اليوم :
لئن باعتدكم نية طال شحطها=فقد قربتنا نية وضمائر
ويجمعنا في وائل عشرية =ورد وأرحام هناك وشو اجر
ولا ريب أن سيف الدولة هنا يتكلم عن قبائل ربيعة بكاملها والملتحمة تحت العزوة الوائلية اليوم والتي تعرف بها قبائل عنزة المعاصرة ، التي هي نتاج هذه التداخل ألربعي ، خلافا لمن يقول بتشتت قبائل ربيعة وتعددها من مؤرخي هذا العصر ، فبنو وائل لازالوا يعرفون حتى اليوم بعد أن انتسبوا لعمهم عنزة بن أسد بن ربيعة ولازال يحفظون العزوة الوائلية حتى اليوم .
بلاد الروم في ذلك الوقت هي ما تعرف اليوم بـ ( تركيا ) أو ( آسيا الصغرى ) وكان سيف الدولة بعد أن ترك أخوه ناصر الدولة في ديار ربيعة وتولى حلب قد قام بتنفيذ عدة غزوات لبلاد الروم نجح خلالها في حماية الثغور العربية الشمالية ، وقد قام الروم بمحاولة انتقامية سنة 343هـ فهزمهم سيف الدولة هزيمة قاسية زادت من تألقه وشهرته عند المسلمين في تلك الفترة ، وقد اضطر حاكم الروم في تلك الفترة إلى الترهب ( الاعتكاف في الكنيسة ) فقال الشاعر المتنبي يمدح سيف الدولة في قصيدة مشهورة لازال تردد حتى يومنا هذا:
على قدر أهل العزم تأت العزائم=وتأتي على قدر الكرام المكارم
إلى أن قال :
تشرفت عدنان به لربيعة=وتفتخر الدنيا به لا العواصم
وتذكر المصادر التاريخية أن عدد غزوات سيف الدولة للروم بلغت أكثر من أربعين غزوة ، وازدادت قوة سيف الدولة واعتبرت إمارته حلب هي الدولة الحمدانية الربيعية وخاصة أن قبائل ربيعة التفت حوله وفيها قال ملحمته الشعرية والتي ذكر فيها عنزة وبكر وتغلب وعدد مفاخرهم القديمة ، وكان هذا عاملا لأن تنجد الصراعات بين قبائل ربيعة وأعدائهم التقليدين قبائل قيس عيلان وبطونهم ( نمير و عقيل وكعب وغيرهم )
صراعات ربيعة وقيس عيلان مجددا في العهد العباسي الثاني

تمكن سيف الدولة من توحيد قبائل ربيعة ، بكريها وتغلبيها وما ضمت من بطون قبل أن يعم عليها اسم عنزة الوائلية الحالية بعد مرحلة طويلة من انهيار الدولة الحمدانية حيث انتقلت ربيعة باسم عنزة الوائلية من ديارها في العراق للحجاز ونجد زمن المماليك .
ولكن الصراعات الربعية القيسية في هذه المرحلة من تاريخ العرب كانت لصالح قبائل ربيعة وقائدها سيف الدولة ، فبعكس الصراع الذي اندلع في العهد الأموي حيث كانت قبائل ربيعة لازال منفصلة إلى قطبيها بكر وتغلب ، فضلا أن ظلال حرب البسوس كان قريبا من ذاكرة ذلك الجيل ألربعي .
لكن الوضع زمن الدولة الحمدانية اختلف جذريا ، فقبائل ربيعة الآن في ظل إمارتين قويتين واحدة في الموصل ( ناصر الدولة ) والأخرى في حلب ( سيف الدولة) ، وتدعم الإمارتين جنود كلهم من قبائل ربيعة الشديدة الشكيمة والتي واجهت قبائل قيس التي تريد التوسع لحساب القرامطة في تلك الفترة ومعهم قبائل طيء التي بدأ نجمها في الصعود تلك الفترة
وفي تلك الفترة صور كل من الشاعرين ( المتنبي ) و ( أبو فراس الحمداني ) بطولات سيف الدولة وقبيلته ( ربيعة ) ضد القيسيين ، وهذا سيف الدولة يصف تلاحم ربيعة وأقطابها على العزوة الوائلية والتي لاتزال عزوة قبائل عنزة اليوم :
لئن باعتدكم نية طال شحطها=فقد قربتنا نية وضمائر
ويجمعنا في وائل عشرية =ورد وأرحام هناك وشواجر
ولا ريب أن سيف الدولة هنا يتكلم عن قبائل ربيعة بكاملها والملتحمة تحت العزوة الوائلية اليوم والتي تعرف بها قبائل عنزة المعاصرة ، التي هي نتاج هذه التداخل ألربعي ، خلافا لمن يقول بتشتت قبائل ربيعة وتعددها من مؤرخي هذا العصر ، فبنو وائل لازالوا يعرفون حتى اليوم بعد أن انتسبوا لعمهم عنزة بن أسد بن ربيعة ولازال يحفظون العزوة الوائلية حتى اليوم .

بعد انتصار سيف الدولة على الروم سنة 343هـ بدا بنو كلاب بإحداث الأحداث والشغب فغزاهم سيف الدولة بقبائل ربيعة وتمكن منهم وقال أبو الطيب المتنبي مشيرا إلى علاقة بني كلاب بالقرامطة :
ولو غير الأمير غزا كلاباً=ثناه عن شموسهم الضباب
إلى أن قال :
بنو قتلى أبيك بأرض نجدٍ=ومن ابقي وأبقته الحراب
اجتماع قبائل قيس ضد سيف الدولة وقبيلة ربيعة استطاع شيخ من بني عقيل بن عامر تجميع صفوف قبيلته قيس ضد سيف الدولة الحماني وقتلوا جمعا من ربيعة وانشغل عنهم سيف الدولة بالروم مما جعله يمادون في غيهم وتمردهم وذلك سنة 344هـ ، وبعد أن فرغ سيف الدولة من أمر الروم توجه إليهم وخاضت قبائل ربيعة مناخاً شرساً معهم على مدى شهرين انتهى باندحار قبائل قيس وانتصار قبائل ربيعة بقيادة سيف الدولة فقال أبو الطيب المتنبي يمدح سيف الدولة ويؤكد انفراد قبائل ربيعة بالنصر :
وملمومة سيفيه ربعيه=تصيح الحصى فيها صياح اللقالق
وقال احد شعراء شيبان ( واسمه عبد الله بن الورقاء الشيباني ) قال قصيدة طويلة يفاخر بقبيلة ربيعة وأيامها ضد مضر في الجاهلية ومهنئاً لأمير ربيعة سيف الدولة بنصره فعارضه سيف الدولة بقصيدة أكد أ قبائل ربيعة تفاخر أكثر بما صنع في زمن الدولة الحمدانية أكثر مما تفاخر بما قد مضى من مآثر :
أتسمو بما شادت أوائل (وائل)=وقد غمرت تلك الاورال الأواخر
أيشغلكم وصف القديم !ودونه=مفاخر فيها شاغل ومآثر
وهي طويلة جدا مثل قصيدة عمه سيف الدولة والتي تعتبر ملحمة ربعيه
ومما قاله أبي فراس يهجو بني كعب :
نفيتكم عن جانب الشام عنوة= بتدبير كهل في طعان غلام
وفتيان صدق من غطاريف وائل=خفاف اللحى شم الأنوف كرام
وسبق إن قلنا إن أبي فراس لم يكن شاعراً فحسب بل كان فارسا من فرسان ربيعة وله غارات مع قبائل قيس وتولى منصب أمير منبج من قبل سيف الدولة.

احتلال الروم لحلب وهروب سيف الدولة وأسر أبي فراس

بعد عدة عقود من الحرب بين بني حمدان والروم استطاع الروم تحقيق غزوة ناجحة على حلب سنة 350هـ تمكنوا فيها من احتلال البلد ، بعد أن خدعوا سيف الدولة الذي خرج من بلده لملاقاتهم فلم يجدهم إلا في حلب ذاتها فانهزم شرقا إلى ديار ربيعة حيث يحكم أخوه ناصر الدولة .
حقق الروم مكاسب جمة في تلك الغزوة واستعادوا معظم خسائرهم السابقة ، وابرز ما صنع الروم هو أسرهم للفارس والشاعر الكبير أبي فراس الحمداني حيث اقتادوه إلى القسطنطينية ولكنهم أكرموا أسره .

عودة سيف الدولة إلى حلب مرة أخرى سنة 351هـ

وبسبب أحداث داخلية اضطر الروم للانسحاب فجأة من حلب سنة 351هـ ، مما أتاح الفرصة لسيف الدولة أن يعود من ديار ربيعة إلى عاصمته حلب ويحكمها مرة أخرى ، ثم قرر سنة 354هـ أن يذهب إلى الروم ويعقد معهم اتفاقية تبادل الأسرى بين الجانبين وكان من أهم اسري الحمدانيين المطلق صارحهم بموجب هذه الاتفاقية هو الشاعر أبي فراس الحمداني ألذي قضى أربع سنوات أسيرا وصور تلك الفترة بشعره وله ديوان مطبوع .
وفاة سيف الدولة

وفي سنة 356هـ توفي سيف الدولة الحمداني تاركاً انجازات كثيرة لعل أبرزها توحيد قبائل ربيعة والتي تعتبر قبائل عنزة الوائلية الحالية امتدادها ولا ريب في ذلك فعنزة هو حفيد ربيعة المباشر ووائل هو عزوتها وكلا الاسمين يدلان على قبيلة واحدة تعتبر اليوم اكبر قبائل العرب .
حلب بعد وفاة سيف الدولة ( 356هـ -381هـ) تولى سعد الدولة ولقبه ( أبو المعالي) بعد أبيه سيف الدولة وكان صغيرا بالسن ومقيماً مع أمه في ديار ربيعة ، وتم إحضاره رغم صغر سنه ليستلم مكان أبيه بوصاية غلام سيف الدولة المدعو ( قرعوه ) بعد أن ترك أمه في ديار ربيعة ، وقرعويه كان طامعا بسعد الدولة ومستغلاً حداثة سنه ، وبلغ به الخبث أن يوهم سعد الدولة بخطورة الأمير الشاعر أبي فارس الحمداني مما جعله يشن حملة عليه وهو في حمص ويقتله لتنتهي أسطورة الأمير الشاعر أبي فراس في ربيع الأول سنة 357هـ .
وننتقل الآن للشق الثاني من إمارة الحمدانيين وهو الموصل وأميرها ناصر الدولة.
ناصر الدولة الحمداني وإمارة الموصل

وهو الأمير الحمداني الذي كان قائما على الموصل وديار ربيعة إلى جانب أخوه سيف الدولة القائم في حلب والذي تحدثنا عنه، غير أن سيف الدولة وشهرته قد غطت كثيرا على أخيه ناصر الدولة فاخترنا الحديث عن سيرة السيف الدولة ابتداءً ، ويحسن إن نذكر بعض إخبار ناصر الدولة قبل الدخول إلى مرحلة ما بعد وفاة سيف الدولة وحتى انقراض الدولة الحمدانية نهائياً سنة383هـ .
وناصر الدولة اكبر في سناً من سيف الدولة والعلاقات بين الاثنين كانت أكثر من ممتازة وكل في إمارته مستقل عن الآخر، فمثلا قام البويهيون الفرس بغزو الموصل سنة 347هـ لاستئصال ناصر الدولة فما كان من أخيه سيف الدولة الا أن دفع للبويهيين جزية عن أخيه مقابل تركه على حكمه، وقال الشاعر الدرامي عن الأميرين سيف الدولة وناصر الدولة وحكمهم لديار ربيعة:
بجبلي وائل وركني عزها=وعارضي أفق نداها المنهل
لكن أمور ناصر الدولة قد تغيرت بعد وفاة أخيه سيف الدولة سنة 356هـ ومرض هو الآخر حتى طمع ابنه الذي أسمه ( أبو تغلب ) في الحكم فزينت له نفسه أن يعتقل أبيه ناصر الدولة ويحبسه حتى مات سنة 358هـ ، وبموت الأميرين الكبيرين بدأت الأمور تتغير على بني حمدان وقبائل ربيعة بعد أن أصبح أبنائهما هم الحكام .. أبو تغلب في الموصل وسعد الدولة في حلب.
وابعد وفاة سيف الدولة وناصر الدولة

قلنا سابقاً أن بعد وفاة الزعيم سيف الدولة قام قرعويه غلامه بالوصاية على ابنه ( سعد الدولة ) وأقنعه قرعويه بالتخلص من الأمير أبي فراس الحمداني سنة 357هـ ، لكن قرعويه بعد أن تم له هذا اظهر بالفعل ما كان ينويه وهو التخلص من بني حمدان في حلب والاستيلاء على حكمهم مستغلا حداثة سن سعد الدولة الذي اضطر للخروج من عاصمة أبيه يجر أذيال الهزيمة ومتجها إلى أمه في ديار ربيعة التي شجعته على حشد الحشود من جديد لاستعادة ملك أبيه فكان ذلك في رمضان سنة 358هـ .
حاصر سعد الدولة غلام أبه قرعويه في حلب حتى جاءت الأخبار بقدوم الروم إليها فاضطر للانسحاب في ذي الحجة من سنة 358هـ ولكن بدلاً من أن ينسحب إلى ديار ربيعة عاد إلى بلدة قريبة من حلب تعرف بـ ( معرة النعمان ) في الوقت الذي قرر قرعويه إن يدفع الجزية للروم مقابل احتفاظه بحلب . أما ديار ربيعة التي بيد والدته فقد أخذها أبو تغلب بن ناصر الدولة أمير الموصل بعد أن هددها الروم بغزو ديار بكر وبالتالي ظهرت أول بوادر الشقاق بين سعد الدولة وابن عمه أبو تغلب حاكم الموصل .

عودة سعد الدولة إلى عاصمته حلب

بعد رحيل الروم الذي وجه غزواتهم إلى الشرق تدهورت أمور قرعويه الذي يحكم بلا شرعية ولا عصبية لقبيلة، مما مهد لسعد الدولة إن يستعيد مناطق مهمة مثل حمص فضلا عن معرة النعمان التي هي بيده أصلا ، فقرر قرعويه مصالحة سعد الدولة سنة 359هـ على إن تكون لقرعويه حلب فقط فكان ذلك ، لكن آمرو أهل حلب تغيرت واشتاقوا لأميرهم سعد الدولة فكاتبوه سنة 366هـ وطالبوه بالعودة إلى حلب وعاد إليها فعلا مستغلا الخلاف بين قرعويه وشخص اسمه ( بجكور ) كان طامعا في الحكم ، واستطاع بكجور إن يستولي على حمص ، وبعودة سعد الدولة إلى حلب قويت الدولة الحمدانية مرة أخرى في هذه المنطقة بينما بقيت الإمارة الحمدانية الأخرى ( الموصل ) قائمة بيد أبي تغلب .
كان العباسيون ذلك الوقت ورغم ضعفهم إلا أنهم مصدر مشروعية أي سلالة فرعية تحكم ، فكان من الضروري إن يحصل سعد الدولة على تأييد بغداد لإضفاء المشروعية على حكمه من قبل أمير المؤمنين ، فتم له ذلك ولقب حينئذٍ بـ ( أبي المعالي (
تدخلات الدولة الفاطمية ونهاية الدولة الحمدانية

الدولة الفاطمية كانت تتطلع للتوسع من مصر إلى الشام وكانت على اتصال مع الطامعين في الحكم في كل من العراق والشام ، وكان أول اتصال للفاطميين مع بكجور الذي كان أميرا بحمص وتم إمداده من قبل الفاطميين بجيوش من قبائل المغرب العربي الشديدة ومن ثم تولى بكجور حكم دمش لصالح الفاطميين ، وتسبب علاقة بكجور بالدولة الفاطمية في حدوث انشقاق بينه وبين سعد الدولة سنة 372هـ .
بقي بكجور واليا للفاطميين ويدعو لهم على منابر دمشق حتى طردوه إلى الرقة في الجزيرة ، لكنه عاد ودعا لهم في الرقة وأغراهم بتطويق حلب بمساعدته سنة 381هـ ، لكن بجكور هزم أمام سعد الدولة وضربت عنقه وانتهى أمره وفشلت أول محاولات الدولة الفاطمية للقضاء على بني حمدان رغم الدعم الرهيب التي حظيت به تلك الحملة من قبل عزيز مصر الفاطمي ، وهدد الفاطميين أمير حلب فقرر غزوهم بعد رسالة استفزازية من عزيز مصر ولكنه لم ليبث إلا أن عاجلته منيته فير مضان من سنة 382هـ وتولى بعده أبنه ابو الفضائل آخر حكام الدولة الحمدانية في حلب

الخاتمة:
غزو الفاطميين لحلب ونهاية الدولة الحمدانية

استغل الفاطميين وفاة سعد الدولة وقاموا بغزو حلب عدة غزوات لم تنجح بشكل قاطع في ما ظهر الأمر الذي يؤكد توقيع صلح بين نزار الفاطمي وأبي الفضائل سنة 385هـ ، لكن الدولة الحمدانية أصبحت بيد الفاطميين حتى تنحية أبي الفضائل سنة 404هـ لتنقطع أخبار تلك الدولة الربيعية في حلب ، أما أبو تغلب فاستمر حاكما على الموصل حتى استولى البويهيين على ديار ربيعة وقاعدتها الموصل وبهذا انتهت الأسرة الحمدانية بينما استمرت قبائل ربيعة في ديارها حتى انتقلت من ديار ربيعة إلى خيبر تحت مسمى قبائل عنزة الوائلية الحالية لتبدأ مرحلة تاريخية أخرى هي التي نعيشها اليوم.

اهم المراجع :
1- تاريخ الرسل والملوك للطبري
2- تاريخ ابن الاثير3- زبده الطلب في تاريخ حلب لابن العديم
4- الأعراق الخطيرة في ذكر أمراء الشام و الجزيرة لابن شداد
5- مقال بعنوان ( حلب زمن سيف الدولة ) للمحامي علاء السيد وهو على الرابط :
رابطة أدباء الشام
6- فنون الأدب للنوير من أدباء العصر المملوكي
7- تاريخ ابن خلدون لابن خلدون الحضرمي
8- ديوان أبي فراس الحمداني
9- كتاب تاريخ الدولة الفاطمية للدكتور محمد جمال الدين سرور

م/ن

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الارشيف الدراسي

بوربوينت الحركة الصهيونية والفكر الصهيوني -للتعليم الاماراتي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

اقدم لكم اخواني وخواتي..

بوربوينت الحركة الصهيونية والفكر الصهيوني

نفع الله بها العباد..

مع تمنياتي لكم بالنجاح والتوفيق..

م

الملفات المرفقة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الارشيف الدراسي

بوربوينت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي.. -تعليم الامارات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

اقدم لكم اخواني وخواتي..

بوربوينت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي

نفع الله بها العباد..

مع تمنياتي لكم بالنجاح والتوفيق..

م

الملفات المرفقة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده