التصنيفات
الصف الخامس الابتدائي

مساعدة .. ضرورية ,, -للتعليم الاماراتي

هــلآآ ..

شحـآآلكم ؟؟

شخبــاركم ؟؟

شو علومــكم ؟؟

المهم .. أعزائي القراء ,,

أبي حل سؤال .. صـ 64 ــ

السؤال هو :

استخدم شبكة المعلومات واكتب تقريرًا عن الأمين العام الحالي لمجلس التعاون الخليجي واعرضه أمام معلمك وزملائك ..

أتمنى اللي عندهـ الأجابة لا يبخل علي ,,

دمتــوا بــــود ,,

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الخامس الابتدائي

عرض بوربوينت عن الفصل الدراسي الأول -تعليم اماراتي

بسم الله الرحمن الرحيم أخي العزيز أقدم لك عرض بوربوينت عن الفصل الدراسي الأول للصف الخامس الدرسات الأجتماعية

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الخامس الابتدائي

ملخصات لللاجتماعيات للصف الخامس

جمعت لكم هذه الملخصات من مدونة ثانية للاستفادة

مع مذكرة شاملة ( ملخص ، اوراق عمل ، اسئلة حلوة )

تفضلوا عندكم في المرفقات

الملفات المرفقة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الخامس الابتدائي

ورقة عمل من درس الانشطة الاقتصادية للصف الخامس

ورقة عمل من درس الانشطة الاقتصادية ,,

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ,,
حبيت اعرض لكم ورقه عمل من درس الانشطة الاقتصادية ,,

وإأن شـإأء الله يعجبكم ,,

موجوود بالمرفقـإأآت بششكل مرتب ,,

الملفات المرفقة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الخامس الابتدائي

سنوات الضياع للصف الخامس

مقُـدّمَـه . . ]

تـخَـيّـل يـوم يُـنآدي المُـنَـآديْ . . فُـلآن إبـن فُـلآن . . فُـلآن إبـن فُـلآن . . إسْـتَـعَـدّ للْـوقُـوف [ بين يدي الله ] . . لا حول ولا قوة إلا بالله

يُـسّـمَـون المُـمَـثَـليْـنَ [ أبطالاً ] مآذآ عن عُـمر و عَـنْ خ ـآلد بن الوَلِــيد ؟

. . .

قـآل تع ـآلـــى [color:18da="RoyalBlue
[ يوم يرون الملائكة لا بشرى لا بشرى يومئذ للمجرمين ، ويقولون حِجْـراً مح ـجورا ] . . !!!

صَـدقْ الله العَـظيم رب الع ـرش الوسِـيع مـآلك يوم الدّيـــن . .

قـآل تع ـآلـى :

[ يوم يعض الظالم على يديه ، يالتني إتخذت مع الرسول سبيلاً ] . . !</font>

إلَـىْ كُـل مُـتَـآبِـعْ لسَـنوآت الضّـيآع . . ومُـسلـسل الشّـآذْ مُـهَـنّـد [ نور ] . .

إسْـتَـمـتَـعْـ/ـي آخ ـي ، آخ ـتي . .

لا تُـفَـوتـ/ـي المُـسَـلْـسَـلْ آبـداً . . !!

فإنَـه بـآت آهَـمْ مِـنْ تَـآريخ ـنآ الإسلآمـي

[ بدأ الإسـلآم " غريباً " وإسـتَـمَـرّ غ ـريباً ، فَـطُـوباً للغُ ـربآء ] . . !

لـم لنـآ وج ـود ، ، فَـقَـطْ نُـتَـآبِـعُ الآزيـآء والمُـوضَـه ،، نُـتآبـع تَـطَـوّرَ الغَ ـربْ . . !

ونح ـن نـقْـبَـع فِـي البُـقْـعَ ـةِ " السّـودآء " اللـــتِـيْ لـن تتحَ ــرّكْ مِـنْ سُـبآتهـآ . . !

حنا عرب نعم عرب يأروبا
ماعندنا الا جبن والا مربى
الشخص منا لتبين تغطى
وهذي سياية للهدو قبل الاعصار
سيوفنا وقت الملاقا شطيرة
يعني على ما قلت مثل الشطيرة
وهذا دليل مع نقاء السريرة
والله يجيب الخير وتطيح الامطار
سلام يابوش البن يامبدئ
ياللي على كل المبادئ تعدى
طيبله ومعن ربعي تعدى
وقدامنا جنة وقدامنا ناري

صـرنـآ لآ نَـمْـلك إلا الـتـلفزيـون و الـكمـبيوتـ؟ـر

فإلى مـتى ؟

إلى آن نسـمـعَ آنّ آمـريكآ إستع ـدت لقصف الع ـآلم الع ـربي بنـووي مدمــر ؟؟

هَـنِـيئَـاً لـكُـلْ عُ ـربي ولُـكل خ ـليجي [ تحت مستوى الاسآطير ] . .

فِـلَـيْبْقَـىآ ح ـآله . . [ للآ نِـهَـآيــهْـ ] . .

ولنِـسْـتَـمَـعْ بآح ـوآل وتَـطّـورهُـم . .

ولنِ ـحْلُـمْ بِـالمستٌْــقْـبَـلِ النّـآصِـع بالفَـــشل . . !!

تح ـيتي

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الخامس الابتدائي

تفسير سورة محمد للصف الخامس

* سورة محمد من السور المدنية، وهي تُعْنى بالأحكام التشريعية، شأن سائر السور المدنية، وقد تناولت السورة أحكام القتال، والأسرى، والغنائم، وأحوال المنافقين، ولكنَّ المحور الذي تدور عليه السورة هو موضوع "الجهاد في سبيل الله"؟

* ابتدأت السورة الكريمة بدءاً عجيباً، بإِعلان حربٍ سافرة على الكفار أعداء الله، وأعداء رسوله، الذين حاربوا الإِسلام، وكذبوا الرسول صلى الله عليه وسلم، ووقفوا في وجه الدعوة المحمدية، ليصدوا الناس عن دين الله {الذين كفروا وصدُّوا عن سبيل الله أضلَّ أعمالهم ..} الآيات.

* ثم أمرت المؤمنين بقتال الكافرين، وحصدهم بسيوف المجاهدين، لتطهير الأرض من رجسهم، حتى لا تبقى لهم شوكةٌ ولا قوة، ثم دعت إلى أسرهم بعد إكثار القتل فيهم والجراحات {فإِذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب، حتى إذا أثخنتموهم فشدُّوا الوَثاق ..} الآيات.

* ثم بيَّنت طريق العزَّة والنصر، ووضعت الشروط لنصرة الله لعباده المؤمنين، وذلك بالتمسك بشريعته، ونصرة دينه {يا أيها الذين ءامنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبِّتْ أقدامكم..} الآيات.

* وضربت لكفار مكة الأمثال بالطغاة المتجبرين من الأمم السابقة، وكيف دمَّر الله عليهم بسبب إجرامهم وطغيانهم {أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذينَ من قبلهم دمَّر الله عليهم وللكافرين أمثالها}.

* وتحدثت السورة بإِسهاب عن صفات المنافقين، باعتبارهم الخطر الداهم على الإِسلام والمسلمين، فكشفت عن مساوئهم ومخازيهم ليحذر الناس مكرهم وخبثهم {ولو نشاء لأريناكم فلعرفتهم بسيماهم ..} الآيات.

* وختمت السورة الكريمة بدعوة المؤمنين إلى سلوك طريق العزة والنصر، بالجهاد في سبيل الله وعدم الوهن والضعف أمام قوى الشر والبغي، وحذَّرت من الدعوة إلى الصلح مع الأعداء، حرصاً على الحياة والبقاء، فإِن الحياة الدنيا زائلة فانية، وما عند الله خيرٌ للأبرار {فلا تَهنوا وتَدْعوا إلى السَّلْمِ وأنتم الأعلون واللهُ معكم ولن يتركم أعمالكم * إِنما الحياة الدنيا لعِبٌ ولهوٌ وإِن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم ..} إلى نهاية السورة الكريمة.

وهكذا ختمت السورة بالدعوة إلى الجهاد، كما بدأت بالدعوة إليه، حفزاً لعزائم المؤمنين، وليتناسق البدء مع الختام ألطف التئام !!

إعلان الحرب على الجاحدين، وتطمين المؤمنين

{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ(1)وَالَّذِينَ ءامنوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ(2)ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ ءامنوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ(3)}

{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} هذا إِعلان حربٍ من الله تعالى على أعدائه وأعداء دينه والمعنى الذين جحدوا بآيات الله وأعرضوا عن الإِسلام، ومنعوا الناس عن الدخول فيه {أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} أي أبطلها وأحبطها وجعلها ضائعة لا ثواب لها لأنها لم تكن لله فبطلت، والمراد أعمالهم الصالحة كإِطعام الطعام، وصلة الأرحام، وقرى الضيف، قال الزمخشري: وحقيقة إِضلال الأعمال جعلُها ضالةً ضائعة، ليس لها من يتقبلها ويثيب عليها كالضالة من الإِبل، التي لا ربَّ لها يحفظها ويعتني بأمرها، والمراد بأعمالهم التي عملوها في كفرهم بما كانوا يسمونه "مكارم الأخلاق"، من صلة الأرحام، وفك الأسارى، وقرى الأضياف، وحفظ الجوار {وَالَّذِينَ ءامنوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} أي جمعوا بين الإِيمان الصادق، والعمل الصالح {وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ} أي صدّقوا بما أنزل الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم تصديقاً جازماً لا يخالجه شك ولا ارتياب وهو عطف خاص على عام، والنكتةُ فيه تعظيم أمره والاعتناء بشأنه، إشارةً إِلى الإِيمان لا يتمُّ بدونه، ولذا أكَّده بقوله { وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} أي وهو الثابت المؤكد المقطوع بأنه كلام الله ووحيهُ المنزَّل من عند الله، والجملة اعتراضية لتأكيد السابق {كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} أي أزال ومحا عنهم ما مضى من الذنوب والأوزار {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} أي أصلح شأنهم وحالهم، في دينهم ودنياهم، ثم بيَّن تعالى سبب ضلال الكفار، واهتداء المؤمنين فقال {ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ} أي ذلك الإِضلال لأعمال الكفار بسبب أنهم سلكوا طريق الضلال، واختاروا الباطل على الحق {وَأَنَّ الَّذِينَ ءامنوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ} أي وأن المؤمنين سلكوا طريق الهدى، وتمسَّكوا بالحق والإِيمان المنزل من عند الرحمن {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ} أي مثل ذلك البيان الواضح، بيَّن الله أمر كلٍ من الفريقين – المؤمنين والكافرين – بأوضح بيانٍ، وأجلى برهان ليعتبر الناس ويتعظوا.

أحكام القتال والأسرى والشهداء

{فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ(4)سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ(5)وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ(6)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامنوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ(7)وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ(8)ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ(9)}

سبب النزول:

نزول الآية (4):

{والذين قتلوا}: أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {والذين قتلوا في سبيل الله} قال: ذُكر لنا أن هذه الآية نزلت يوم أحد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الشِّعْب، وقد نشِبت فيهم الجراحات والقتل، وقد نادى المشركون يومئذ: اعْلُ هُبَل (أكبر أصنامهم) ونادى المسلمون: الله أعلى وأجل، فقال المشركون: إن لنا العُزّى ولا عُزَّى لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا: الله مولانا، ولا مولى لكم.

وبعد إِعلان هذه الحرب السافرة على الكافرين أمر تعالى المؤمنين بجهادهم فقال {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} أي فإِذا أدركتم الكفار في الحرب فاحصدوهم حصْداً بالسيوف، قال ابن جزي: وأصله فاضربوا الرقاب ضرباً ثم حذف الفعل وأقام المصدر مقامه والمراد: اقتلوهم، ولكنْ عبَّر عنه بضرب الرقاب لأنه الغالب في صفة القتل {حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} أي حتى إِذا هزمتموهم وأكثرتم فيهم القتل والجراحات ولم تبق لهم قوة للمقاومة فأْسروهم وكفُّوا عن قتلهم، قال الزمخشري: وفي هذه العبارة {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} من الغلظة والشدة ما ليس في لفظ القتل، لما فيها من تصوير القتل بأشنع صورة، وهو حزُّ العنق وإِطارة الرأس عن البدن، ولقد زاد من هذه الغلظة في قوله {فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان} ومعنى {أَثْخَنتُمُوهُمْ} أكثرتم قتلهم وأغلظتموه {فشدُّوا الوثاق} أي فأسروهم، والوثاقَ اسم لما يربط من حبلٍ وغيره {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} أي ثم أنتم مخيَّرون بعد أسرهم إِمَّا أن تمنُّوا عليهم وتطلقوا سراحهم بلا مقابل من مال، أو تأخذوا منهم مالاً فداءً لأنفسهم، ولكن بعد أن تكونوا قد كسرتم شوكتهم، واعجزتموهم بكثرة القتل والجراح {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} أي حتى تنقضي الحرب وتنتهي بوضع آلاتها وأثقالها، وتنتهي الحرب بين المسلمين والمناوئين له، وذلك بعز الإِسلام واندحار المشركين {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ} أي الأمر فيهم ما ذُكر، ولو أراد الله لانتصر منهم وأهلكهم بقدرته، دون أن يكلفكم – أيها المؤمنون – قتالهم، قال ابن كثير: أي لو شاء الله لانتقم من الكافرين بعقوبةٍ ونكالٍ من عنده {وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} أي ولكنَّه أمركم بجهادهم ليختبر إِيمانكم وثباتكم، فيظهر حال الصادق في الإِيمان من غيره كما قال تعالى {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين} وليبتلي المؤمنين بالكافرين والكافرين بالمؤمنين، فيصير من قُتل من المؤمنين إلى الجنة، ومن قتل من الكافرين إلى النار ولهذا قال {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} أي والذين استشهدوا في سبيل الله فلن يُبطل الله عملهم، بل يكثّره ويضاعفه وينمّيه {سَيَهْدِيهِمْ} أي سيهديهم إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، بتوفيقهم إلى العمل الصالح وإِرشادهم إلى الجنة دار الأبرار {وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} أي ويُصلح حالهم وشأنهم {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} أي ويدخلهم الجنة دار النعيم بيَّنها لهم بحيث يعمل كل واحدٍ منزله ويهتديإِليه، قال مجاهد: يهتدي أهلُها إلى بيوتهم ومساكنهم لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خُلقوا وفي الحديث (والذي نفسي بيده إِن أحدهم بمنزله في الجنة أهدى منه بمنزله الذي كان في الدنيا) وقيل {عَرَّفَها لَهُمْ{ أي طيبها لهم وعطّرها من العرف وهو الرائحة الزكية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامنوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} أي إِن تنصروا دينه ينصركم على أعدائكم {وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} أي ويثبتكم في مواطن الحرب {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ} أي والذين كفروا بالله وآياته فهلاكاً وشقاءً لهم، وهو دعاءٌ عليهم بالتعاسة والخيبة والخذلان {وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} أي أبطلها وأحبطها لأنها كانت في طاعة الشيطان {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ} أي ذلك التعس والإِضلال بسبب أنهم كرهوا ما أنزل الله من الكتب والشرائع، قال الزمخشري: أي كرهوا القرآن وما أنزل الله فيه من التكاليف والأحكام، لأنهم قد ألفوا الإِهمال وإِطلاق العَنان في الشهوات والملاذِ فشقَّ عليهم ذلك وتعاظمهم {فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} أي أذهبها وأضاعها لأن الإِيمان شرط لقبول الأعمال، والشرك محبطٌ للعمل.

تخويف الله المشركين من عاقبة الكفر

{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا(10)ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ ءامنوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ(11)إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ ءامنوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ(12)وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ(13)أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ(14)}

سبب النزول:

نزول الآية (11):

{ذلك بأن الله مولى}: قال قتادة: نزلت يوم أُحد والنَّبي صلى الله عليه وسلم في الشِّعْب، إذ صاح المشركون: يوم بيوم، لنا العُزَّى ولا عُزَّى لكم، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: "قولوا: الله مولانا، ولا مولى لكم" وقد تقدّم ذلك.

نزول الآية (13):

{وَكَأَيِّنْ من قرية}: أخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقاء الغار، نظر إلى مكة، فقال: أنتِ أحبّ بلاد الله إليّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك، لم أخرج منك، فأنزل الله: {وَكَأَيِّنْ من قرية هي أشدّ قوة من قريتك التي أخرجتك} الآية. وذكره الثعلبي أيضاً عن قتادة وابن عباس، وهو حديث صحيح.

ثم خوَّفهم تعالى عاقبة الكفر فقال {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي أفلم يسافر هؤلاء ليروا ما حلَّ بمن سبقهم من الأمم الطاغية كعاد وثمود وقوم لوط وغيرهم من المجرمين، كيف كان مآلهم؟ وماذا حلَّ بهم من العذاب؟ فإِنَّ آثار ديارهم تنبئ عن أخبارهم {دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} أي أهلكهم الله، واستأصل كل ما يخصهم من مالٍ وبنين ومتاع، فإِذا هو أنقاض متراكمة وإِذا هم تحت هذه الأنقاض "ودمَّر عليهم" أبلغ من دمَّرهم لأن معناها أهلكهم مع أموالهم ودورهم وأولادهم وأطبق عليهم الهلاك إِطباقاً فلم يبق شيء إلا شمله الدمار {وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} أي ولكفار مكة أمثال تلك العاقبة الوخيمة والعذاب المدمّر {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ ءامنوا} أي وليُّهم وناصرهم {وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا موْلَى لَهُمْ} أي لا ناصر لهم ولا معين ولا مغيث، ثم بيَّن تعالى مآل كلٍ من الفريقين – المؤمنين والكافرين – في الآخرة فقال {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ ءامنوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} أي يدخل المؤمنين جناتِ النعيم، التي فيها ما لا عينٌ رأتْ، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ} أي والكافرون في الدنيا ينتفعون بشهواتها ولذائذها، ويأكلون كما تأكل البهائم، ليس لهم همٌّ إِلا بطونهم وفروجهم {وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} أي وجهنم مقامهم ومنزلهم في الآخرة، قال الزمخشري: المراد أنهم ينتفعون بمتاع الدنيا أياماً قلائل، ويأكلون غافلين غير مفكرين في العاقبة كما تأكل الأنعام في مسارحها ومعالفها غافلةً عما هي بصدده من النحر والذبح، والنار منزل ومقام لهم في الآخرة .. ثم سلَّى تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم فقال {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ} أي وكم من أهل قرية عاتية ظالمة كانوا أقوى من أهل مكة الذين أخرجوك منها {أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ} أي أهلكناهم بأنواع العذاب فلم ينصرهم أحد فكذلك نفعل بهؤلاء، قال ابن عباس: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة واختفى بالغار ثم خرج مهاجراً إِلى المدينة، التفت إِلى مكة ثم قال (إِنك لأحبُّ البلاد إِلى الله، وأحبُّ البلاد إِليَّ، ولولا أنَّ قومك أخرجوني منك ما خرجت فنزلت الآية {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} أي هل من كان على حجة وبصيرة، وثباتٍ ويقين من أمر دينه {كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ}؟ أي كمن زُيّن له عمله القبيح فرآه حسناً؟ {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ} أي انهمكوا في الضلال حتى عبدوا الهوى؟ ليس هذا كذاك، وإِنما جاء بصيغة الجمع مراعاةً للمعنى، قال المفسرون: يريد بـ {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ} رسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن {زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} أبا جهل وكفار قريش .. واللفظ أعمُّ لأن الغرض المباينة بين من يعبد الله، وبين من يعبد هواه.

جزاء المؤمنين المتقين والكافرين الظالمين

{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ(15)}

مثَّل بعده بالفارق الكبير بين الجنة والنار فقال {مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} أي صفة الجنة الغريبة العجيبة الشأن، التي وعد الله بها عباده الأبرار وأعدَّها للمتقين الأخيار {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} أي فيها أنهار جاريات من ماءٍ غير متغير الرائحة، قال ابن مسعود: أنهار الجنة تفجَّر من جبلٍ من مسكٍ {وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} أي وأنهار جاريات من حليبٍ في غاية البياض والحلاوة والدسامة، لم يحمض بطول المقام ولم يفسد كما تفسد ألبان الدنيا وفي حديث مرفوع (لم يخرج من ضروع الماشية) {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} أي وأنهار جاريات من خمرٍ لذيذة الطعم يلتذّ بها الشاربون لأنه {لا فيها غولٌ ولا هم عنها يُنزفون} وإِنما قيَّدها بأنها لذة للشاربين، لأن الخمر كريهة الطعم في الدنيا لا يلتذ بها إِلاّ فاسد المزاج، وأما خمر الآخرة فهي طيبة الطعم والرائحة، يشربها أهل الجنة لمجرد الالتذاذ {وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} أي وأنهارٌ جارياتٌ من عسل في غاية الصفاء وحسن اللون والريح، لم يخرج من بطون النحل، قال أبو السعود: {عَسَلٍ مُصَفًّى} أي لم يخالطه الشمع وفضلات النحل {وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} أي ولهم في الجنة أنواعٌ متعددة من جميع أصناف الفواكه والثمار، قال شيخ زاده في حاشيته على البيضاوي: وفي ذكر الثمرات بعد المشروب إشارة إِلى أنَّ مأكول أهل الجنة للَّذَّة لا للحاجة {وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} أي ولهم فوق ذلك النعيم الحسن نعيمٌ روحي وهو المغفرة من الله مع الرحمة والرضوان وفي الحديث (أُحلُّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً) قال الصاوي: في الجنة ترفع عنهم التكاليف فيما يأكلونه ويشربونه، بخلاف الدنيا فإِن مأكلولها ومشروبها يترتب عليه الحساب والعقاب، ونعيم الآخرة لا حساب عليه ولا عقاب فيه {كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ} أي كمن هو مخلَّدٌ في الجحيم؟ والاستفهام للإِنكار أي لا يستوي من هو في ذلك النعيم المقيم، بمن هو خالد في الجحيم؟ {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ} أي وسُقوا مكان تلك الأشربة ماءً حاراً شديد الغليان، فقطَّع أحشاءهم من فرط حرارته؟ قال المفسرون: بلغ الماء الغاية في الحرارة، إِذا دنا منهم شوى وجوههم، ووقعت فروة رؤوسهم، فإِذا شربوه قطَّع أمعاءهم وأخرجها من دبورهم.

بيان حال المنافقين والمهتدين

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ(16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ(17)فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ(18)فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ(19)}

سبب النزول:

نزول الآية (16):

{ومنهم من يستمع}: أخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: كان المؤمنون والمنافقون يجتمعون إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، فيستمع المؤمنون منهم ما يقول ويعونه، ويسمعه المنافقون فلا يعونه، فإذا خرجوا سألوا المؤمنين: ماذا قال آنفاً؟ فنزلت: {ومنهم من يستمع إليك} الآية.

وروى مقاتل: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب ويعيب المنافقين، فإذا خرجوا من المسجد سألوا عبد الله بن مسعود، استهزاء: ماذا قال محمد آنفاً؟ قال ابن عباس: وقد سُئلت فيمن سُئل.

ولما بيَّن تعالى حال الكافرين، ذكر حال المنافقين فقال: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} أي ومن هؤلاء المنافقين جماعة يستمعون إِلى حديثك يا محمد {حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ} أي حتى إِذا خرجوا من مجلسك { قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا} أي قالوا لعلماء الصحابة – كابن عباس وابن مسعود – ماذا قال محمدٌ قريباً في تلك الساعة؟ قال ابن كثير: أخبر تعالى عن المنافقين في بلادتهم وقلة فهمهم، حيث كانوا يجلسون إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستمعون كلامه، فلا يفهمون منه شيئاً، فإِذا خرجوا من عنده قالوا لأهل العلم من الصحابة: ماذا قال محمد {آنِفًا} أي الساعة، لا يعقلون ما قال ولا يكترثون به {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} أي ختم على قلوبهم بالكفر {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ} أي ساروا وراء أهوائهم الباطلة {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} أي وأما المؤمنون المتقون فقد زادهم الله هدى وألهمهم رشدهم، قال الإِمام الفخر: لما بيَّن تعالى أن المنافق يستمع ولا ينتفع، ويستعيد ولا يستفيد، بيَّن أن حال المؤمن المهتدي بخلافه، فإِنه يستمع فيفهم، ويعمل بما يعلم، وفيه فائدة وهو قطع عذر المنافق، فإِنه لو قال ما فهمت كلامه لغموضه، يُردُّ عليه بأن المؤمن فهم واستنبط، فذلك لعماء القلوب لا لخفاء المطلوب {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} أي فهل ينتظرون إِلا قيام الساعة فجأةً فتبغتهم وهم سادرون غارون غافلون؟ {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} أي فقد جاءت أماراتها وعلاماتها، ومنها بعثة خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم {فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ} أي فمن أين لهم التذكر إِذا جاءتهم الساعة، حيث لا ينفع ندم ولا توبة؟ {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ} أي فدم يا محمد على ما أنت عليه من العلم بوحدانية الله {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} أي اطلب من الله المغفرة لك وللمؤمنين والمؤمنات {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} أي يعلم تصرفكم في الدنيا، ومصيركم في الآخرة، فأعدوا الزاد ليوم المعاد.

ردة فعل المنافقين والمؤمنين عند نزول آيات الجهاد

{وَيَقُولُ الَّذِينَ ءامنوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ(20)طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ(21)فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ(22)أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ(23)}

{وَيَقُولُ الَّذِينَ ءامنوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ} أي ويقول المؤمنون المخلصون شوقاً إِلى الجهاد وحرصاً على ثوابه: هلاَّ أنزلت سورة فيها الأمر بالجهاد {فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ} أي فإِذا أنزلت سورة صريحةٌ ظاهرة الدلالة على الأمر بالقتال، قال القرطبي: {مُحْكَمَة} أي لم تنسخ، وقد قال قتادة: كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة، وهي أشد القرآن على المنافقين {رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أي رأيت المنافقين الذين في قلوبهم شك ونفاق {يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ} أي ينظرون إِليك يا محمد تشخص أبصارهم جبناً وهلعاً، كما ينظر من أصابته الغشية من حلول الموت {فَأَوْلَى لَهُمْ} أي فويلٌ لهم، قال ابن جزي: وهي كلمة معناها التهديد والدعاء عليهم كقوله تعالى {أوْلى لكَ فأوْلى} {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} مبتدأٌ محذوف الخبر أي طاعةٌ لك يا محمد، وقولٌ جميلٌ طيبٌ خيرٌ لهم وأفضل وأحسن، قال الرازي: وهو كلام مستأنف محذوف الخبر تقديره خيرٌ لهم أي أحسن وأمثل، وإِنما جاز الابتداء بالنكرة لأنها موصوفة ويدل عليه قوله {وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} كأنه قال: طاعة مخلصة، وقولٌ معروفٌ خيرٌ لهم أو تكون أولى خير وأفضل وتكون خبراً مقدماً وطاعة مبتدأ مؤخر. {فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ} أي فإِذا جدَّ الجِدُّ وفُرض القتال {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} أي فلو أخلصوا نياتهم وجاهدوا بصدقٍ ويقين لكان ذلك خيراً لهم من التقاعس والعصيان، والجملةُ جواب الشرط {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} أي فلعلَّكم إِن أعرضتم عن الإِسلام أن ترجعوا إِلى ما كنتم عليه في الجاهلية، من الإِفساد في الأرض بالمعاصي، وقطع الأرحام!! قال قتادة: كيف رأيتم القوم حين تولّوا عن كتاب الله، ألم يسفكوا الدم الحرام، ويقطعوا الأرحام، ويعصوا الرحمن؟! قال أبو حيان: يريد ما جرى من الفترة بعد زمان الرسول صلى الله عليه وسلم {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ} أي طردهم وأبعدهم من رحمته {فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} أي فأصمهم عن استماع الحق، وأعمى قلوبهم عن طريق الهدى فلا يهتدون إِلى سبيل الرشاد قال القرطبي : أخبر تعالى أن من فعل ذلك حقت عليه اللعنة وسلبه الانتفاع بسمعه وبصره، حتى لا ينقاد للحق وإِن سمعه، فجعله كالبهيمة التي لا تعقل.

حال المنافقين بعد ردتهم، وعند قبض أرواحهم والتذكير بحكمة الجهاد

{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفالُهَا(24)إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ(25)ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ(26)فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ(27)ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ(28)أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ(29)وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ(30)وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ(31)}

{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}؟ الاستفهام توبيخي أي أفلا يتفهمون القرآن ويتصفحونه ليروا ما فيه من المواعظ والزواجر، حتى لا يقعوا فيما وقعوا فيه من الموبقات!؟ {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} "أم" بمعنى "بل" وهو انتقالٌ من توبيخهم على عدم التدبر إِلى توبيخهم على ظلمة القلوب وقسوتها حتى لا تقبل التفكر والتدبر والمعنى: بل قلوبهم قاسية مظلمة كأنها مكبَّلة بالأقفال الحديدية فلا ينفذ إِليها نور ولا إيمان، قال الرازي: إِن القلب خُلق للمعرفة فإِذا لم تكن فيه المعرفة فكأنه غير موجود، وهذا كما يقول القائل في الإِنسان المؤذي: هذا ليس بإِنسان هذا وحش، وهذا ليس بقلب هذا حجر {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى} أي رجعوا إِلى الكفر بعد الإِيمان، وبعد أن وضح لهم طريق الهدى بالدلائل الظاهرة والمعجزات الواضحة {الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} أي الشيطان زيَّن لهم ذلك الأمر، وغرَّهم وخدعهم بالأمل، وطول الأجل {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ} أي ذلك الإِضلال بسبب أنهم قالوا لليهود الذين كرهوا القرآن الذي نزَّله الله حسداً وبغياً {سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ} أي سنطيعكم في بعض ما تأمروننا به كالقعود عن الجهاد، وتثبيط المسلمين عنه وغير ذلك {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} أي وهو جل وعلا يعلم خفاياهم، وما يبطنونه من الكيد والدسّ والتآمر على الإِسلام والمسلمين، قال المفسرون: قال المنافقون لليهود ذلك سراً فأظهره الله تعالى وفضحهم {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} أي فكيف يكون حالهم حين تحضرهم ملائكة العذاب لقبض أرواحهم ومعهم مقامع من حديد يضربون بها وجوههم وظهورهم؟ قال القرطبي: والمعنى على التخويف والتهديد أي إِن تأخر عنهم العذاب فإِلى انقضاء العمر، قال ابن عباس: لا يُتوفى أحد على معصية إلا تضرب الملائكة في وجهه وفي دبره {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} أي ذلك العذاب بسبب أنهم سلكوا طريق النفاق وكرهوا ما يرضي الله من الإِيمان والجهاد وغيرهما من الطاعات {فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} أي أبطل ما عملوه حال إِيمانهم من أعمال البر {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ}؟ أي أيعتقد المنافقون الذين في قلوبهم شك ونفاق أن الله لن يكشف أمرهم لعباده المؤمنين؟ وأنه لن يظهر بغضهم وأحقادهم على الإِسلام والمسلمين؟ لابدَّ أن يفضحهم ويكشف أمرهم {وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} أي لو أردنا لأريناك يا محمد أشخاصهم فعرفتهم عياناً بعلامتهم ولكنَّ الله ستر عليهم إِبقاءً عليهم وعلى أقاربهم من المسلمين لعلهم يتوبون {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} أي ولتعرفنَّ يا محمد المنافقين من فحوى كلامهم وأسلوبه، فيما يعرضونه بك من القول الذي ظاهره إِيمان وإِسلام وباطنه كفر ومسبَّة، قال الكلبي: لم يتكلم بعد نزولها عند النبي صلى الله عليه وسلم منافقٌ إِلا عرفه {وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} أي لا يخفىعليه شيء من أعمالكم فيجازيكم بحسب قصدكم، ففيه وعدٌ ووعيد {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} أي ولنختبرنَّكم أيها الناسُ بالجهاد وغيره من التكاليف الشاقة حتى نعلم – علم ظهور – المجاهدين في سبيل الله، والصابرين على مشاقّ الجهاد {وَنَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ} أي ونختبر أعمالكم حسنها وقبيحها، قال في التسهيل: المراد بقوله {حَتَّى نَعْلَمَ} أي نعلمه علماً ظاهراً في الوجود تقوم به الحجة عليكم، وقد علم الله الأشياء قبل كونها، ولكنه أراد إِقامة الحجة على عباده بما يصدر منهم، وكان الفضيل بن عياض إِذا قرأ هذه الآية بكى وقال: اللهم لا تبتلنا فإِنك إِذا ابتليتنا فضحتنا وهتكت أستارنا.

حال الصادين عن سبيل الله، والأمر بطاعته عز وجل

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَآقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ(32)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامنوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ(33)إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ(34)فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ(35)}

سبب النزول:

نزول الآية (32):

{إن الذين كفروا وصدوا .. لن يضروا الله} قال ابن عباس: هم المطعمون يوم بدر.

نزول الآية (33):

{يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله} خطاب للمؤمنين بلزوم الطاعة في أوامر الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم في سنته. أخرج ابن أبي حاتم ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن أبي العالية قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع "لا إله إلا الله" ذنب، كما لا ينفع مع الشرك عمل، فنزلت: {أطيعوا الله، وأطيعوا الرسول، ولا تبطلوا أعمالكم} فخافوا أن يبطل الذنب العمل.

نزول الآية (34):

{إن الذين كفروا وصدوا .. فلن يغفر الله لهم} نزلت في أصحاب القليب أي قليب بدر، حيث ألقي قتلة المشركين في بئر.

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} أي جحدوا بآيات الله ومنعوا الناس عن الدخول في الإِسلام {وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى} أي عادوا الرسول وخرجوا عن طاعته من بعد ما ظهر لهم صدقُه وأنه رسول الله بالحجج والآيات { لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ} أي لن يضروا الله بكفرهم وصدّهم شيئاً من الضرر، وسيبطل أعمالهم من صدقة ونحوها فلا يرون لها في الآخرة ثواباً {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامنوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} أي امتثلوا أوامر الله وأوامر رسوله {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} أي ولا تُبطلوا أعمالكم بما أبطل به هؤلاء أعمالهم من الكفر والنفاق، والعُجب والرياء {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} أي جحدوا بآيات الله وصدُّوا الناس عن طريق الهدى والإِيمان {ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ} أي وماتوا على الكفر {فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} أي فلن يغفر الله لهم بحالٍ من الأحوال، وهذا قطع بأن من مات على الكفر لا يغفر اللهُ له لقوله تعالى {إِنَّ الله لا يغفر أن يُشرك به} قال أبو السعود: وهذا حكم يعم كل من مات على الكفر، وإِن صحَّ نزوله في أصحاب القليب {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ} أي فلا تضعفوا وتدعوا إِلى المهادنة والصلح مع الكفار إِذا لقيتموهم {وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ} أي وأنتم الأعزة الغالبون لأنكم مؤمنون {وَاللَّهُ مَعَكُمْ} أي والله معكم بالعونِ والنصر {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} أي لن ينقصكم شيئاً من ثواب أعمالكم، قال ابن كثير: وفي قوله {وَاللَّهُ مَعَكُمْ} بشارة عظيمة بالنصر والظفر على الأعداء.

تأكيد الحث على الجهاد بالتزهيد في الدنيا

{إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ(36)إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ(37)هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ(38)}

{إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} أي ما الحياة الدنيا إِلا زائلة فانية، لا قرار لها ولا ثبات، كاللعب واللهو الذي يتلهى به الأولاد، قال شيخ زاده: بيَّن تعالى أن الدنيا وما فيها من الحظوظ العاجلة، لا يصلح مانعاً من الإِقدام إِلى الجهاد، وما يؤدي إِلى ثواب الآخرة، لكونها بمنزلة اللهو واللعب في سرعة زوالها، وأن الآخرة هي الحياة الباقية، فلا ينبغي أن يكون حبُّ الدنيا والحرص على ما فيها من اللذات والشهوات سبباً للجبن عن الغزو والتخلف عن الجهاد {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ} أي وإِن تؤمنوا بالله وتتقوه حقَّ تقواه، يعطكم ثواب أعمالكم كاملاً {وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ} أي ولا يطلب منكم أن تنفقوا جميع أموالكم، بل الزكاة المفروضة فيها، قال ابن كثير: أي هو غني عنكم لا يطلب منكم شيئاً، وإِنما فرض عليكم الصدقات من الأموال مواساةً لإِخوانكم الفقراء، ليعود نفع ذلك وثوابه عليكم {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا} أي إِن يسألكم جميع أموالكم ويبالغ في طلبها، ويلح عليكم في إِنفاقها تبخلوا {وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} أي ويخرج ما في قلوبكم من البخل وكراهة الإِنفاق، قال ابن جزي: وذلك لأن الإِنسان جبل على محبة الأموال، ومن نوزع في حبيبه ظهرت سرائره، فمن رحمته تعالى على عباده عدم التشديد عليهم في التكاليف {هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي ها أنتم معشر المخاطبين تُدعون للإِنفاق في سبيل الله، وقد كلفتم ما تطيقون {فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ} أي فمنكم من يشح عن الإِنفاق ويمسك عنه {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} أي ومن بخل عن الإِنفاق في سبيل الله فإِنما يعود ضرر بخله على نفسه، لأنه يمنعها الأجر والثواب، قال الصاوي: وبخل يتعدى بـ "على" إِذا ضُمِّن معنى شحَّ، وبـ "عن" إِذا ضُمِّن معنى أمسك {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} أي واللهُ مستغن عن إِنفاقكم ليس بمحتاج إِلى أموالكم، وأنتم محتاجون إِليه {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} أي وإِن تعرضوا عن طاعته واتباع أوامره، يخلف مكانكم قوماً آخرين يكونون أطوع لله منكم { ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} أي لا يكونون مثلكم في البخل عن الإِنفاق بل يكونوا كرماء أسخياء.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الخامس الابتدائي

حطوا طلاباتكم اهنه

هلا

اشحالكم شخباركم

بصفتي مشرفة التربية الإسلامية حبيت انزل هذا االموضوع الي يتعلق ب طلباتكم كل واحد/ة عند/ها طلب ما عليه/ها الا ان ينزله او تنزله انهنه لاني ما الحق ادور ع طلباتك وان شاء الله اتحصلون الي طلبتوه وبعد ما تحصلونه انا بنزله ع هيئة موضوع في المتدى عسب الكل يستفيد

مع اسلامة ^ــ ^

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الخامس الابتدائي

اي بوربينت تبونه معي الان -تعليم الامارات

معي الان اول شي السلام عليكم [IMG]انمي[/IMG][IMG]سبونج بوب[/IMG] الملف
1 مناسك الحج حفظ
2 مناخ السعودية حفظ
3 ابن خفاجة يصف الجبل حفظ
4 أحكام المدود حفظ
5 أركان الإسلام حفظ
6 أسماء الإشارات حفظ
7 اشترى أبي حفظ
8 الاتزان الكيميائي حفظ
9 الأحماض والقواعد حفظ
10 الأذكار النبوية حفظ
11 الأسئلة الصفية حفظ
12 الاستثناء حفظ
13 الإسلام في اسياء حفظ
14 الإسلام في افريقيا حفظ
15 الاسلام في قارة اوربا حفظ
16 التعاون حفظ
17 التعليم حفظ
18 التكاثر الجنسي عن الدودة الشريطية حفظ
19 التنصير حفظ
20 التوحيد سبب لمغفرة الذنوب حفظ
21 التوصيل الحراري حفظ
22 التوكيد حفظ
23 الجهاز العصبي حفظ
24 الدافعة والمكآفات حفظ
25 الرعي حفظ
26 الرياح حفظ
27 السند حفظ
28 الشفرة الوراثية حفظ
29 الشقوق الحرة حفظ
30 الضيافة وأدب الطعام حفظ
31 الطعام الصحي حفظ
32 هند والعصافير حفظ
33 القصر حفظ
34 الكتلة الذرية والجزئية حفظ
35 الكسور حفظ
36 الكسور1 حفظ
37 الكفر الأصغر حفظ
38 الكيمياء العضوية2 حفظ
39 الكيمياء العضوية1 حفظ
40 الماء والمحاليل حفظ
41 القبعات الست حفظ
42 اللملكة المغربية حفظ
43 المائع المثالي واللزوجة حفظ
44 المادة واشكالها حفظ
45 المحاليل الموصلة للكهرباء حفظ
46 المكعب حفظ
47 الموصلات في السعودية حفظ
48 النظافة حفظ
49 النظرية الذرية الحديثة حفظ
50 أمة محبة للسلام حفظ
51 أيام الاسبوع حفظ
52 بطاقات حفظ
53 بطاقات دعوية حفظ
54 تجربة ميدانية لمادة الرياضيات حفظ
55 تشالز حفظ
56 تصنيف العناصر حفظ
57 تقديم السند حفظ
58 تونس حفظ
59 جدول الضرب حفظ
60 حرص النبي صلى الله عليه وسلم على حفظ القرآن الكريم وتبليغه حفظ
61 حروف حفظ
62 حروف الهجاء حفظ
63 حروف الهجاء 1 حفظ
64 حسابات متعلقة بالحموضة والقواعد حفظ
65 دروس القراءة حفظ
66 دوران المنحنى – للاستاذ فتحي أحمد – تونس حفظ
67 زواج النبي صلى الله عليه وسلم حفظ
68 ساعة لعلها خير ساعات عمرك حفظ
69 سطح الكرة الأرضية ومظاهرها حفظ
70 سورة الإخلاص حفظ
71 سورة الفاتحة حفظ
72 شبة المنحرف – رياضيات حفظ
73 شروط الزكاة حفظ
74 صلاة التطوع حفظ
75 صلح الحديبية حفظ
76 طرق الكسب .. حفظ
77 عرض القضية الفلسطينية حفظ
78 عصف ذهني حفظ
79 غزوة أحد حفظ
80 فضل تحية المسجد حفظ
81 قراء الساعة- رياضيات حفظ
82 قصة التاء المربوطة حفظ
83 قصيدة الشهداء حفظ
84 كشمير حفظ
85 لبنان حفظ
86 ما يمنع صرفه لعلتين حفظ
87 درس الانجليزي – المال حفظ
88 مسائل على تجربتي طومسون وميليكان حفظ
89 مسابقات حفظ
90 مسابقة 1 حفظ
91 مسابقة 2 حفظ
92 نظم الراديو ( الاتصالات ) ارسال واستقبال حفظ
93 وسائل تعليمية حفظ
94 وصف نعميم المتقين حفظ
95 حرف الثاء حفظ
96 حرف الجيم حفظ
97 علاج_الهموم حفظ
98 أبو بكر الصديق رضي الله عنه حفظ
99 جميع الدروس التربية الإسلامية- الفصل الدراسي الأول- الثالث ثانوي حفظ
100 جميع الدروس التربية الإسلامية- الفصل الدراسي الثاني- الثالث ثانوي حفظ
101 الاوديةفي شبه الجزيرةالعربية حفظ
102 التناظر حول محور حفظ
103 التوحيد الصف الثالث حفظ
104 الجهاد ضد المشركين غزوة بدر حفظ
105 الحذرمن تاخير الصلاة حفظ
106 الحروف والحركات حفظ
107 الرحمة بين الناس حفظ
108 الضيافه وأدب الطعام حفظ
109 العبد أمام البلاء من الرضا والسخط حفظ
110 الفوائدالعشر لمن غض بصره حفظ
111 القسمة حفظ
112 الكفر الاصغر حفظ
113 المعتدات حفظ
114 النميمة والبيان حفظ
115 الواجب على المسلم للرسول صلى الله عليه وسلم حفظ
116 الوسائل التعليمية حفظ
117 أوقات النهي عن صلاة التطوع حفظ
118 تحريم هجر المسلم لاخيه المسلم حفظ
119 تحية الاسلام حفظ
120 صفة الحج حفظ
121 حقوق الوالدين حفظ
122 خمسون حديثا ًلفضائل الأعمال حفظ
123 زكاة عروض التجارة حفظ
124 صلاة الجمعة حفظ
125 عدم الحكم من اهل القبلة بجنة أو نار حفظ
126 عدم منازعة الله في أسمائئه حفظ
127 علاقة المسلم بالكافر حفظ
128 غزوة أحد 1 حفظ
129 فتاوي متنوعه حفظ
130 فضل الصيام حفظ
131 فضل القران الكريم حفظ
132 كان وأخواتها حفظ
133 كلمات الكتاب – الصف الأول حفظ
134 محبة المسلم لاخيه المسلم حفظ
135 مفاتيح لا تصدى حفظ
136 من علامات النفاق حفظ
137 ميكانيكاالموائع الساكنة حفظ
138 نصائح ثمينة حفظ
139 سورة الكوثر حفظ
140 الأشكال الرباعية حفظ
141 صـفة الوضوء حفظ
142 الحدث ( تعريفه ، القوانين ، الإحداث) حفظ
143 قصص واقعية حفظ
144 المساجد الثلاثة حفظ
145 الإسراء والمعراج حفظ
146 أدعية اليوم والليلة حفظ
147 الحج حفظ
148 100 حكمة ذهبية حفظ
149 أسوء الناس سرقة 2 حفظ
150 أسوء الناس سرقة 1 حفظ
151 الأفعال الخمسة حفظ
152 وسائط حفظ المعلومات حفظ
153 تنمية الذكاء حفظ
154 رياضيات جمع عددين من أربعة أرقام مع الحمل (1)
حفظ
155 رياضيات:قراءة الأعداد حتى 9999 (1)
حفظ
156 الطرح بالاستلاف (1)
حفظ
157 معلومات عن دولة الإمارات العربية المتحدة حفظ
158 عرض بوربوينت يوضح مناسك الحج من شبكة الحزم حفظ
159 الجهاد ضد المشركين
حفظ
160 العصف الذهني حفظ
161 عرض بابوربوينت لمناسك الحج من كتاب صفة الحج للشيخ محمد العثيمين
حفظ
162 عرض بابوربوينت لمناسك الحج .. عرض مصور حفظ
163 أدلة وجود الله تعالى حفظ
164 أدلة وجود الله تعالى3 حفظ
165 أدوار التشريع الإسلامي 2 حفظ
166 إعجاز القرآن الكريم حفظ
167 أقم الصلاة لدلوك الشمس حفظ
168 الإجارة حفظ
169 الإجماع حفظ
170 الأخوة حفظ
171 الأمام أبو حنيفة حفظ
172 الحديث النبوي وأنواعه حفظ
173 الحرية حفظ
174 الشورى حفظ
175 الصدق في القول والعمل حفظ
176 العدل حفظ
177 القرآن الكريم حفظ
178 القياس حفظ
179 المغرور بماله حفظ
180 الناس سواء أمام شرع الله حفظ
181 حكمة الابتلاء حفظ
182 عاقبة الظلم حديث حفظ
183 عاقبة الكبر حفظ
184 فضل الصحابة حفظ
185 من سن في الإسلام سنة حفظ
186 نصر الله للمؤمنين-دين حفظ
187 كنوز مفقودة حفظ
188 إعجاز في خلق السماوات والأرض حفظ
189 أغرب الغرائب حفظ
190 المرأة [1] حفظ
191 جزاء نقض العهد حفظ
192 الأسئلة الصفية حفظ
193 الشهداء إحياء عند ربهم حفظ
194 حكم استغلال الوظيفة الحكومية حفظ
195 عقد الزواج حفظ
196 عاقبة الإنتحار حفظ
197 أحكام الأسرة في الإسلام حفظ
198 الإمام مالك بن أنس حفظ
199 تعدد الزوجات حفظ
200 العدل بين الأولاد 1 حفظ

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الخامس الابتدائي

تقرير عن عيسى بن مريم عليه السلام -تعليم اماراتي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

هو السيِّد المسيح عيسى بن مريـم (ع)، وهو آخر أنبياء بني إسرائيل، اسمه «عيسى» ولقبه «المسيح»، ويكنى ابن مريـم نسبة إلى أمّه مريـم بنت عمران، لأنَّه ولد من غير أب،وقد جاء في القرآن ] ما المسيح بن مريـم إلاَّ رسولٌ قد خلت من قبله

الرُسل وأمّه صدّيقة…[ (المائدة:75)

وهو عبد اللّه ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريـم البتول العذراء، الطاهرة العفيفة التي أحصنت فرجها]وصدقت بكلمات ربِّـها وكتبه وكانت من القانتين[ (التحريـم:12).

الولادة والكفالة:

كان عمران أبو مريـم رجلاً عظيماً في بني إسرائيل، وتقدّم السنّ بزوجته العاقر فلم تنجب له ولداً، فدعت اللّه إن رزقت صبياً أن تجعله وقفاً على طاعة اللّه وخدمة بيته المقدّس، فأجاب اللّه دعاءها، ورزقت بمريـم(ع) التي دعت اللّه أن يحفظها ويحصّن نسلها من غواية الشيطان ] ربِّ إنّي وضعتها أنثى واللّه أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإنّي سميتها مريـم وإنّي أعيذك بها وذريتها من الشيطان الرجيم[ (آل عمران:136).

توفي عمران، ومريـم(ع) صغيرة السن، وهي بحاجة لمن يقوم بكفالتها وتربيتها فلمّا قدّمتها أمّها إلى رعاة الهيكل اختلفوا فيمن يقوم برعايتها وألقوا على ذلك قرعة، فوقعت على زكريا وكفلها واتخذ لها محراباً لا يدخل عليه أحد سواه.

وقصة زكريا مشابهة لقصة عمران حيثُ تقدّمت به السن، وكانت زوجته عاقراً، فدعا اللّه أن يرزقها ولداً لمواصلة الدعوة التي كان يقوم بتبليغها خاصة بعد ظهور بوادر الانحلال والفساد في قومه، ولكن كيف!! وهو رجل طاعن في السن وزوجته عاقراً ] قال ربِّ أنّى يكون لي غلامٌ وكانت امرأتي عاقرٌ وقد بلغت من الكبر عتيا[ (مريـم:8).ولكن اللّه استجاب دعاءه وبشره بغلام أسماه «يحيى» ] يا زكريا إنّا نبشرك بغلام اسمه يحيى لـم نجعل له من قبل سميا[ (مريـم:7).

زكريا هذا الرّجل الصالح المؤمن باللّه وجه مريـم(ع) وجهة عبادية صحيحة، واستمر في رعايته لها حتّى رأى منها شيئاً عجباً، عندما دخل عليها وهي في المحراب، رزقاً لـم يأتـها به، إذ لا بُدَّ أن يكون هذا الطعام قد جاء من مصدر ما كما أشارت مريـم إلى ذلك ] وكفلها زكريا كلّما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريـم أنّى لك هذا قالت هو من عند اللّه إنَّ اللّه يرزق من يشاء بغير حساب[ (آل عمران:37).

العبادة والبشارة بالمولود:

نشأت مريـم في المحراب، تواظب على عبادتها وتجتهد، حتّى بلغت مبلغ النساء، فظهرت عليها آثار التُّقى والعفة والطهارة، ما جعل الملائكة تبشرها بالطهارة والصفاوة واصطفائها على نساء العالمين، وحضتها على المواظبة في عبادتها، بأن تقنت وتسجد وتركع مع الراكعين ] إذ قالت الملائكة يا مريـم إنَّ اللّه اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين * يا مريـم اقنتـي لربّك واسجدي واركعي مع الراكعين[ (آل عمران:42ـ43) وبشرها بكلمة، ولكنَّها ليست كلمات تتكوّن من مجموعة حروف، بل هي الوجود المتفجّر بالحياة النابض بالحركة، الذي يمثِّل إرادة اللّه في التكوين المعبّر عنها لإيضاح الفكرة بالأمر الإلهي في كلمة «كن» وبذلك تتحوّل الكلمة ـ الإرادة إلى إنسان اسمه المسيح عيسى بن مريـم (ع) وكلمة المسيح فهي على الأرجح تعني مقرّبة، أي المبارك أو الملك أو ما يقرب من ذلك، كما يقول المفسِّرون، وقد جاء في قوله تعالى: ] إذ قالت الملائكة يا مريـم إنَّ اللّه يُبشرك بكلمة منه اسمـه المسيح عيسى بن مريـم[ (آل عمران:45).

كانت مريـم وقفاً على سدانة المعبد وخدمته والعبادة فيه، فعاشت في عزلة عن النّاس، وبينما هي كذلك جاءها جبريل (ع) متمثّلاً لها بهيئة بشر كي تستأنس به ولما رأته حسبته آدمياً يريد بها السوء، وهي العفيفة الطاهرة ] فأرسلنا إليها روحنا فيتمثّل لها بشراً سوياً[ (مريـم:17) وأخذت

تبتعد عنه وهي تخشى أن يهمّ بها بسوء وهي في مكان ليس فيه منقذ أو نصير ]قالت إنّي أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً[ (مريـم:18) حيثُ لـم يخطر على بالها أنَّه ملاك فردّ الملاك مطمئناً ] قال إنَّما أنا رسول ربّك لأهب لك غلاماً زكياً[ (مريـم:19).

وهنا فوجئت مريـم(ع) وتعجبت من قول الملاك حين بشرها بالغلام، فهي امرأة بكر لـم تتزوج، كبقية المتزوجات ولـم يكن لها علاقة زوجية لتنجب ولداً، ولـم تنحرف فهي العذراء العفيفة التي لـم تدخل في عالـم الآثام ] قالت أنّى يكون لي غلام ولـم يمسسني بشرٌ ولـم أكُ بغيا[ (مريـم:20) وقد كان جوابه لها أنَّها إرادة اللّه ومشيئته، فهو جلّ ثناؤه لا يعجزه شيء، وإذا أراد أمراً فإنَّما يقول له كن فيكون ] قال كذلك قال ربّك هو عليّ هيّن ولنجعله آية للنّاس ورحمة منّا وكان أمراً قضيا[ (مريـم:21).

حملت مريـم منذ اللحظة التي نفخ فيها الملك جبريل، ما جعل التخيلات والأفكار تحوم في مخيلتها عمّا سيقوله النّاس عنها، فاضطربت وخافت على مصيرها، فمالت إلى العزلة في مكانٍ بعيد عن النّاس ] فحملته فانتبذت به مكان قصيا[ (مريـم:22).

] فأجأها المخاض إلى جذع النخلة[ ، وهنا رأت أنَّها في موقفٍ صعب لا تستطيع مواجهته، فأطلقت صرخة الاستغاثة النابعة من حالة الخوف التي ملأت كيانها ووجدانها، خاصة وأنَّ النّاس لا يعرفون سرّ الإعجاز الإلهي، ما يجعلها مهدّدة في مجتمعها بسمعتها وكرامتها وموقعها وهكذا ] قالت يا ليتني متُ قبل هذا وكنت نسياً منسياً[ (مريـم:23)، وكعادته نزل جبريل ليطمأنها بأنَّ اللّه وحده هو الكافل لها ولرزقها، وأشار عليها أن تهزّ بجذع النخلة التي لا ثمر فيها فيتساقط عليها رطباً شهياً، فتأكل هنيئاً، وتشرب من الجدول الذي يجري تحتها ] فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربّك تحتك سريا * وهزي إليك بجزع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً * فكلي واشربي وقرّي عيناً[ (مريـم:24ـ26).

خرجت السيِّدة مريـم(ع) من عزلتها بعد الولادة، فكان خروجها بالطفل مفاجأة لكلّ من يعرف نسكها وعبادتها، فاتهموها، فاعتصمت بوصية جبريل ولزمت الصمت، وأشارت إلى وليدها الرضيع ليكلّم القوم، فاشتدّ غضبهم، ولكنَّ عيسى (ع) لجم غضبهم وكلّمهم في أمر أمّه، فبـرّأها من التهمة التي ألصقت بها بقوله: ] إنّي عبد اللّه آتاني الكتاب وجعلني نبيّاً * وجعلني مباركاً أينما كنتُ وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّاً * وبرّاً بوالدتي ولـم يجعلني جبّاراً شقياً * والسَّلام عليَّ يومَ ولدتُ ويوم أموت ويوم أُبعث حيّا[ (مريـم:30ـ33).

على هذه الصورة قدّم عيسى(ع) نفسه إلى النّاس الذين أنكروا على والدته أمرها، وبالرغم من ذلك فقد تـمّ الاختلاف حول قصة ولادته، وفي طبيعته البشرية، وفي رسالته ] ذلك عيسى بن مريـم قول الحقّ الذي فيه يمترون[ (مريـم:34) فادّعى البعض بأنّ عيسى هو ابن اللّه وأنَّ اللّه اتخذه ولداً، واللّه هو الغنيّ الحميد الذي ليس بحاجة لأحد، وقد جاء في قوله تعالى: ] ما كان للّه أن يتخذ من ولد[ (المؤمنون:91).

واجه عيسى (ع) هذه الفكرة ودعا النّاس إلى عبادة اللّه وتأكيد العبودية له سبحانه وتعالى: ] وإنَّ اللّه ربّي وربّكم فاعبدوه[ فاخضعوا له، ونفذوا أوامره، وابتعدوا عن نواهيه، في كلّ جوانب الحياة من أجل إرساء أسس الحق، ومن أجل السير في الطريق القويـم] هذا صراطٌ مستقيم[ (مريـم:36) لأنَّه يشرّع للنّاس ما فيه صلاحهم ويُبعدهم عمّا يفسد حياتهم ويدفعهم إلى التوازن في كلّ الأمور حيث الانحراف في التصوّرات والسلوك وكلّ أنواع العلاقات في مسألة صلب المسيح فقد أخبر عنها القرآن، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهي أنَّ اللّه عزَّ وجلّ نجّى (عيسى) من كيد اليهود، ورفعه إليه حيّاً.

لقد شكّ (الحواريون) كما شكّ (اليهود) في أمر عيسى واختلفوا فيه اختلافاً كبيراً، فمن هو المصلوب يا ترى؟ أهو (عيسى) المسيح أم (يهوذا) الأسخريوطي؟ وذلك لأنَّ ذلك الخائن لما دلّهم على مكانه طلب من اليهود أن يدخل أمامهم، ولـم يكن في ذلك المكان غير عيسى بن مريـم(ع)، فلمّا ألقى اللّه شبهه عليه، ورفع عيسى إلى السَّماء، دخل اليهود فلم يجدوا غير إنسانٍ واحد هو (يهوذا) الذي ألقى اللّه شبه عيسى عليه فقالوا: إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا؟ وإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى؟ وأخذوه ليصلبوه وهو يقول لهم: أنا (يهوذا) ولست عيسى فيضحكون من كلامه ويقولون: تكذب علينا أنت (يسوع) أي عيسى فصلبوه وهم في شكّ من أمره وفي اضطراب واختلاف. وقد ردَّ القرآن الكريـم على اليهود في موضوع (الصلب والفداء) فقال سبحانه:] وبكفرهم وقولهم على مريـم بهتاناً عظيماً وقولهم إنّا قتلنا المسيح عيسى بن مريـم رسول اللّه وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه لهم وإنَّ الذين اختلفوا فيه لفي شكّ منه ما لهم به من علم إلاَّ اتّباع الظنّ وما قتلوه يقيناً بل رفعـه اللّه إليه وكان اللّه عزيزاً حكيماً[ (النساء:157ـ158)

بالإضافه الى

إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونشكره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضدَ ولا ندَّ له، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه، صلى الله وسلم عليه وعلى كل رسول أرسله.

أما بعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليّ القدير القائل في محكم كتابه : ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ ءال عمران 45- 46 .

إخوة الإيمان، حدثناكم في الخطبة الماضية عن نبي من أنبياء الله وهو سيدنا لوط عليه السلام، ويطيب لنا اليوم أن نتكلم عن نبي كريم زاهد خلقه الله تعالى من غير أبٍ فقد جاء في القرءان العظيم: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ ءال عمران 59.

وأمه مريم التي وصفها الله تعالى في القرءان الكريم بالصدّيقة والتي نَشأت نَشْأة طُهر وعفاف وتربّت على التقوى تؤدّي الواجبات وتكثر من نوافل الطاعات والتي بشّرتها الملائكة باصطفاء الله تعالى لها من بين سائر النساء وبتطهيرها من الأدناس والرذائل.

﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ﴾ ءال عمران 42.

وذات يوم خرجت مريم الصدِّيقة من محرابها الذي كانت تعبد الله تعالى فيه فأرسل الله إليها جبريل عليه السلام متشكِّلاً بشكل شابٍّ أبيضَ الوجه.

وللملاحظة إخوة الإيمان، الملائكة ليسوا ذكورًا ولا إناثًا إنما يتشكَّلون بهيئة الذكر من دون ءالة الذكورية ولا يأكلون ولا يشربون لا يتناكحون ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.

مريم لَمّا رأت جبريل عليه السلام متشكِّلاً في صورة شابٍّ أبيض الوجه لم تعرفه ففزعت منه واضطربت وخافت على نفسها منه وقالت ما أخبر الله به: ﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً﴾ سورة مريم/18. أي إن كنت تقيا مطيعًا فلا تتعرض لي بسوء.

فقال لها أن الله أرسله إليها ليهبها ولدًا صالحًا طاهرًا من الذنوب. فقالت مريم: أنى يكون لي غلام ولم يقربني زوج ولم أكن فاجرة زانية؟ فأجابها جبريل عليه السلام عن تعجّبها بأنّ خَلْقَ ولد من غير أبٍ سهلٌ هيِّنٌ على الله تعالى، وجعله علامة للناس ودليلاً على كمال قدرته سبحانه وتعالى وليجعله رحمة ونعمة لمن ابتعه وصدّقه وءامن به .

يقول رب العزّة في القرءان العظيم: ﴿فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً﴾ سورة مريم 22-23-24-25-26.

نفخ جبريل عليه السلام في جيب درعها فحملت بعيسى عليه السلام ثم تنحت بحملها بعيدًا خوف أن يعيّرها الناس بولادتها من غير زوج، ثم ألجأها وجع الولادة إلى ساق نخلة يابسة وتمنّت الموت خوفًا من أذى الناس، وناداها جبريل من عليه السلام من مكان من تحتها من أسفل الجبل يطمئنها ويخبرها أنّ الله تبارك وتعالى جعل تحتها نهرًا صغيرا ويطلب منها أن تهزّ جذع النخلة ليتساقط عليها الرطب الجنيّ الطريّ وأن تأكل وتشرب مما رزقها الله وأن تقرّ عينها وأن تقول لمن رءاها وسألها عن ولدها إني نذرت للرحمن أن لا أكلّم أحدًا.

أتت السيدة مريم عليها السلام قومها تحمل مولودها عيسى عليه السلام على يدها في بيت لحم. ﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً﴾ مريم/27.

قالوا لها: لقد فعلتِ فعلة منكرة عظيمة، ظنوا بها السوء وصاروا يوبخونها ويؤذونها وهي ساكتة لا تجيب لأنها أخبرتهم أنها نذرت للرحمن صومًا، ولما ضاق بها الحال أشارت إلى عيسى عليه السلام. عندها قالوا لها ما أخبر الله به بقوله: ﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً﴾ مريم/29 .

عند ذلك أنطق الله تعالى بقدرته سيّدنا عيسى وكان رضيعًا. ﴿قَالَ إِنِِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً﴾ مريم 30-31. اعتراف بالعبودية لله العزيز القهار، هذا أول ما نطق به عليه السلام وهو في المهد قال: ﴿إِنِِّي عَبْدُ اللَّهِ﴾ وقوله: ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً﴾ أي جعلني نفاعًا معلّمًا للخير حيثما توجهت.

إخوة الإيمان، يقول الله تعالى في القرءان العظيم: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ سورة الصف/6 .

دعا عيسى قومه إلى الإسلام إلى عبادة الله وحده وعدم الإشراك به شيئًا ولكنهم كذّبوه وحسدوه وقالوا عنه ساحر ولم يؤمن به إلا القليل .

والله نسأل الثبات على دين الأنبياء دين الإسلام العظيم .

هذا وأستغفر الله لي ولكم

الخطبة الثانية: التحذير من قول بعض الناس "يا عبدي إسعَ لأسعى معك"

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى كل رسول أرسله.

أما بعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليّ القدير القائل في محكم كتابه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ الشورى/11 .

فلما كانت هذه الآية هي أصرح ءاية في القرءان في تنْزيه الله تعالى عن مشابهة خلقه، ولَمّا انتشر التشبيه والكلام الذي مؤدّاه تشبيه لله بخلقه والعياذ بالله كان لا بد من التذكير بها وبما احتوت عليه من المعاني العظيمة. فربنا لا يوصف بأنه جسم ولا بصفات الجسم، ربنا ليس جسمًا كثيفا كالبشر والحجر والشجر، وليس جسمًا لطيفًا كالنور والظلام والهواء، والله لا يوصف بصفات الجسم كالحركة والسكون والاتصال والانفصال "مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك" . أي لا يشبه ذلك.

فاحذروا عباد الله وحذّروا من عبارة يقولها بعض الناس وهي "إسعَ يا عبدي لأسعى معك". العبد هو الذي يسعى، نعم، أما الله تعالى لا يوصف بصفات خلقه. أما من قال هذه الكلمة ولا يفهم منها نسبة الحركة إلى الله، لا يفهم منها أنّ الله يسعى كالبشر بل يفهم منها أنت اعمل في الأسباب أساعدك في الحصول على الرزق فلا يكفر، ولكن طبعًا يُنهى عن هذه الكلمة.

إخوة الإيمان، من الناس من صار ينتظر بشوق سماع الخطبة الثانية ليحذر من مثل هذه العبارات، ومن الناس من يدوّن هذه العبارات للتحذير منها، ومن الناس من يتشهّد لأنه يعرف من نفسه أنه صدر منه ما أخرجه عن دين الله. فجزى الله عنا خيرًا من علّمنا وأرشدنا وحثّنا على وضع هذه العبارات للتحذير منها في الخطبة الثانية .

واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ:﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ اللّـهُمَّ صَلِّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدَنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾، اللّهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللّهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا اللّهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ اللّهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ اللّهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ. عبادَ اللهِ ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون. اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا، وَأَقِمِ الصلاةَ.

م/ن

بالتوفيق

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الخامس الابتدائي

تفسير سورة الانفطار -تعليم الامارات

السلام عليكم

سورة الانفطار مكية
وآياتها تسع عشرة

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ ﴿1 ﴾ وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ ﴿2 ﴾ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ﴿3 ﴾ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ﴿4 ﴾ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ﴿5 ﴾ يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴿6 ﴾ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴿7 ﴾ فِي أيْ: صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ ﴿8 ﴾ كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ﴿9 ﴾ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ﴿10 ﴾ كِرَاماً كَاتِبِينَ ﴿11 ﴾ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴿12 ﴾ ﴾

روى النسائي[26] عن جابر[27] قال: قام معاذ[28] فصلى العشاء فطّول فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( أفتّانُ أنت يا معاذ ؟ أين كنت عن سبح اسم ربك الأعلى، والضحى، وإذا السماء انفطرت )……. [ متفق عليه]. وأصل الحديث مخرج في الصحيحين ولكن ذكر إذا السماء انفطرت في إفراد النسائي.

يقول تعالى: ﴿ إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ ﴾ أيْ: انشقت ﴿ وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ ﴾ أيْ: تساقطت ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ﴾ أيْ: تفجرت وذهب ماؤها ﴿ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ﴾ أيْ: تحركت وخرج من فيها ﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ﴾ أيْ: إذا وقعت كل هذه الأمور المتقدمة حصل العلم عند النفس ما عملته من خير أو شرٍ.

وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾ أيْ: ما غرّك بربك الكريم حتى أقدمت على معصيته كما جاء في الحديث الصحيح: ( يقول الله تعالى يوم القيامة: يا ابن آدم ما غَرَّكَ بي؟ يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين؟ )……. [ صحيح ]

وروى ابن أبي حاتم بسنده إلى يحيى البكاء[29] سمعت ابن عمر يقول وقرأ هذه الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾ قال ابن عمر: غرّه والله جهلُه. وروى عن ابن عباس وغيره: ما غر ابن آدم غيرَ هذا العدو الشيطان. وقال أبو بكر الورَّاق[30]: لو قال لي: ما غرَّك بربك الكريم لقلت: غرّني كرم الكريم. وقال مثل هذا القول بعض أهل الإشارة…؟! إنما قال بربك الكريم دون سائر أسمائه وصفاته كأنه لقنه الجواب[31]. وهذا الذي تخيله هذا القائل ليس بطائل، لأنه إنما أتى باسمه الكريم لينبه على أنه لا ينبغي أن يقابلَ الكريم بالأفعال القبيحة وأعمال الفجور. لا سيما وأن هذه الآية نزلت في الأسود بن شريق ضرب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يعاقبْ في الحالة الراهنة فأنزل الله تعالـى: ﴿ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾.

وقوله تعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾ أيْ: ما غرك بالربِّ الكريم الذي جعلك سوياً مستقيماً معتدل القامة منتصبها في أحسن الهيئآت والأشكال.

وروى الإمام أحمد بسنده إلى بُسْر بن جحاش القرشي[32]: ( أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بصق يوماً بكفّهِ فوضع عليها أصبعه ثم قال: قال الله عز وجل: يا ابن آدم أنّى تعجزني وقد خلقـتك من مثل هذه؟ حتى إذا سوّيتُك وعدلتُك مشيت بين بُردَيْن، وللأرض منك وئيد، فجمعتَ ومنعتَ حتى إذا بلغت التراقي قلت: أتصدق وأنّى أوان الصدقة؟ )……[صحيح] وكذا رواه ابن ماجه[33] عن أبي بكر بن أبي شيبة[34].

وقوله تعالى: ﴿ فِي أيْ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ ﴾ وفي الصحيحين عن أبي هريرة: ( أن رجلاً قال: يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاماً أسود. قال: هل لك من إبل؟ قال نعم، قال: فما ألوانها؟ قال حمر. قال: فهل فيها من أورق؟ قال: نعم. قال: فأنى أتاها ذلك؟ قال: عسى أن يكون نزعة عرق. قال: وهذا عسى أن يكون نزعة عرق ). والمعنى أن الله سبحانه وتعالى قادر على خلق النطفة على شكل قبيح من الحيوانات المنكرة، ولكن بقدرته ولطفه وحلمه يخلقه على شكل حسن مستقيم معتدل تام، حسن المنظر والهيئة.

وقوله تعالى: ﴿ كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ﴾ أيْ: إنما يحملكم على مواجهة الكريم ومقابلته بالمعاصي تكذيبٌ في قلوبكم بالمعاد والجزاء والحساب.

وقوله تعالى :﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ يعني وإن عليكم لملائكةً حفظةً كراماً فلا تقابلوهم بالقبائح فإنهم يكتبون عليكم جميع أعمالكم.

﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴿13 ﴾ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴿14 ﴾ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ ﴿15 ﴾ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ﴿16 ﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ﴿17 ﴾ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ﴿18 ﴾ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴿19

يخبر تعالى عما يصير الأبرار إليه، وهم الذين أطاعوا الله عز وجل ولم يقابلوه بالمعاصي. وقد روى ابن عساكر[35] بسنده إلى ابن عمر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( إنما سماهم الله الأبرار لأنّهم بّروا الآباء والأبناء ) ثم ذكر ما يصير إليه الفجار من الجحيم والعذاب المقيم، ولهذا قال: ﴿ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ ﴾ أيْ: يوم الحساب والجزاء والقيامة ﴿ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ﴾ أيْ: لا يغيبون عن العذاب ولا يخفف عنهم ساعة واحدة ولا يجابون إلى ما يسألون من الموت أو الراحة ولو يوماً واحداً. وقوله تعالى: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ﴾ ثم فسره بقوله: ﴿ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً ﴾ أيْ: لا يقدر أحد على نفع أحدٍ ولا خلاص له مما هو فيه إلا بإذن الله لمن يشاء ويرضى. ونذكر هاهنا حديث: ( يا بني هاشم: أنقذوا أنفَسكم من النار لا أملك لكم من الله شيئاً )….. [ صحيح. رواه مسلم ] ولهذا قال: ﴿ وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ قال قتادة: " والأمر ـ والله ـ اليوم لله، ولكنه لا ينازعه فيه يومئذٍ أحد ". [1]
———————————————————————————————————————————————————-
[1] مختصر بن كثير
وبالتوفيق=)

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده